رغم الأزمة المالية العالمية التي أثرت على كل مجالات الحياة، إلا أن الإنتاج الدرامي المصري هذا العام اتسم بالبذخ. ورصد الناقد المصري محمد قناوي هذا البذخ الإنتاجي في الدراما العربية عموما، والدراما المصرية خصوصا، حيث بلغ عدد ما أنتجته الاستوديوهات المصرية في 2010 ما يزيد على 56 مسلسلاً متنوعاً بين الاجتماعي والتاريخي والكوميدي، بميزانيات تزيد على 150 مليون دولار. هناك عدد من المسلسلات تعد الأكثر كلفة في تاريخ الدراما التلفزيونية المصرية، مثل مسلسل "الجماعة"، حيث قال وحيد حامد مؤلف المسلسل ل "الوطن"، إنه تكلف ما يقرب من أربعين مليون جنيه، كذلك وصلت تكلفة كل من"شيخ العرب همام " و"سقوط الخلافة" إلي ما يقرب من خمسين مليون جنيه لكل منهما، كما يؤكد يسري الجندي مؤلف"سقوط الخلافة". أجور الفنانين وتستحوذ أجور الفنانين والفنانات على نصيب الأسد من معظم ميزانيات المسلسلات، حيث تشير بعض المصادر إلى أن الفنان "يحيى الفخراني" حصل على 8 ملايين جنيه عن مسلسل "شيخ العرب همام"، الذي بلغت ميزانيته 30 مليون جنيه، في حين حصلت يسرا على 7 ملايين جنيه عن مسلسل "بالشمع الأحمر"، وبلغت ميزانية العمل 20 مليون جنيه. فيما حصلت إلهام شاهين على 6 ملايين جنيه عن مسلسل "امرأة في ورطة". أما الفنان خالد صالح، فتقاضى خمسة ملايين جنيه عن بطولة مسلسل "موعد مع الوحوش"، وتقاضت الفنانة سميرة أحمد عن دورها في مسلسل "ماما في القسم"، مبلغ خمسة ملايين جنيه أيضا. تحسن نسبي ووفقاً للبيانات المنشورة فإن بعض القنوات المصرية دفعت مبالغ تصل إلى 35 مليون جنيه، مقابل حق عرض المسلسل الواحد، حتى يتمكن التلفزيون المصري من منافسة القنوات الفضائية التي وصلت لأكثر من 600 قناة، بعضها يعمل أثناء شهر رمضان فقط للاستفادة من حصيلة الإعلانات مثل قناة "القاهرة والناس"، التي يمتلكها رجل الإعلان المصري طارق نور. خسائر فادحة تشير الأرقام والإحصائيات المتوافرة، إلى أن وكالة صوت القاهرة التي تمتلك حق التسويق والإعلان للتلفزيون المصري قد فشلت في زيادة الإعلانات على قنواته الأرضية والفضائية، حيث لم تتعد حصيلة الإعلانات خلال شهر رمضان مبلغ المائة مليون جنيه، وهذا الفشل تسبب في خسائر فادحة تتعدى 400 مليون جنيه من أصل 500 مليون جنيه، هي حجم الميزانية الضخمة التي رصدها المسؤولون في ماسبيرو لشراء عدد كبير من الأعمال الدرامية لنجوم الدراما والبرامج الإعلانية المنتجة بنظام المنتج المباشر أو المنفذ، والتي تم شراؤها مباشرة بناء على تعليمات ونصائح من صوت القاهرة. إلا أن رئيس مجلس إدارة شركة صوت القاهرة إبراهيم العقباوي ينفي ذلك، مؤكدا أن وكالة صوت القاهرة للإعلان تمكنت من تحقيق المعادلة الصعبة، وهي زيادة دخل الإعلانات، والالتزام بعدد الدقائق الإعلانية. وبناء على ذلك تم تحديد أسعار الإعلانات لهذا العام بهدف تحقيق زيادة في الإيرادات قدرها 10% عن إيرادات رمضان الماضي، مع تخفيض المدد الإعلانية بما يقرب من 50٪ عن المدد الإعلانية المنفذة خلال رمضان الماضي. حتى يستمتع المشاهد بالمسلسلات والبرامج لهذا العام بدون التكدس الإعلاني المزعج. وقال إن مسلسل "الجماعة" قد حصد أعلى نسبة دقائق إعلانية، ويليه مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة"، ثم مسلسل يسرا "بالشمع الأحمر". التلفزيون لم يجمع ربع ما أنفقه وقد استنكر خالد صلاح رئيس صحيفة "اليوم السابع المصرية" سياسة التلفزيون المصري، وقال "كيف لا يمكن للتلفزيون أن يجمع ربع ما أنفقه في شهر رمضان؟، مشيرا إلى تقديرات الخبراء التي تشير إلى أن التلفزيون المصري أنفق نصف مليار جنيه، بينما سوق الإعلانات لم يتجاوز سقفها 300 مليون جنيه فقط . وأضاف صلاح أن الخبراء أكدوا أن نسبة الإنفاق الإعلاني ستنحصر بين 300 مليون و400 مليون جنيه فقط خلال شهر رمضان، سيتم تقسيمها بالتأكيد على قنوات التلفزيون المصري وعلى القنوات الخاصة المصرية على النايل سات، وإذا اعتمدنا هذه الأرقام فإن نصيب التلفزيون المصري لا يتجاوز هنا نسبة 15 % أو 20 % من حجم الإنفاق، خاصة أن قنواته تأتي في المؤخرة بسبب تفوق قنوات القطاع الخاص الأخرى، ومن هنا فإن كل ما سيحصل عليه التلفزيون من عوائد لن يتجاوز 80 مليون جنيه فقط إن كان نصيبه 20 % من التقدير المتفائل للإنفاق، وهو 400 مليون جنيه. دقائق إعلانية ويلاحظ الجميع الزيادة الإعلانية الكبيرة في قنوات الحياة، حيث إن مسلسل "شيخ العرب همام» وحده يحظي بأكثر من 25 دقيقة إعلانية، يليه مسلسل «أغلى من حياتي» ب 17 دقيقة إعلانية، و«أزمة سكر» ب 15 دقيقة إعلانية، ونفس الوضع داخل قنوات بانوراما 1، 2، ودريم. يقول طارق نور إن حجم الإعلانات يتطور في رمضان بنسبة 60% في مصر ودول الخليج والمشرق، وأن حجم سوق الإعلانات في المنطقة يصل إلى حوالي 5 مليارات دولار سنويا، أغلبها موزع على أقطار الخليج وعلى قنوات معروفة أبرزها "إم بي سي " و"دبي" و"إل بي سي".. الجيد قليل وقد تضاربت آراء النقاد حول المستوى الفني للدراما المصرية هذا العام حيث أكدت الناقدة ماجدة خيرالله أن "كم الأعمال هذا العام كان كثيرًا ولكن الجيد قليل، مما يعتبر إرهاقا للعملية الإنتاجية، نظرًا لعدم القدرة على توزيع الكثير من هذه الأعمال نتيجة سوء مستواها، حيث تم توزيع 60% من الأعمال التي تم إنتاجها، والبقية لم تجد مجالاً لتوزيعها"، وتساءلت .. لماذا نقوم بإنتاج 60 عملاً دون المستوى رغم استطاعتنا إنتاج 20 فقط بمستوى جيد ولائق. وعن أفضل الأعمال قالت "إن مسلسل «الجماعة» و«أهل كايرو» و«قصة حب» و«حكايات وبنعيشها» و«الحارة» و«بالشمع الأحمر» هي الأفضل، وبالرغم من تفوق ليلى علوي ويسرا بشدة هذا العام، إلا أن الرجال برأي خير الله كانوا أكثر تميزًا أمثال إياد نصار وخالد الصاوي وباسم سمرة وجمال سليمان.. أما أسوأ الأعمال هذا العام فأكدت خيرالله أنها لا يمكن حصرها، ولكن الأكثر سوءًا «زهرة وأزواجها الخمسة»، حيث جاءت قصة العمل والتناول أسوأ ما يكون، بجانب أداء غادة عبدالرازق الذي كان شديد التصنع والمبالغة". ومن الأعمال السيئة أيضًا برأي خير الله مسلسل "ملكة في المنفى" الذي اعتبرته تهريجًا من خلال الموضوع والممثلين وكل عناصر العمل. دراما متفوقة أما الناقد كمال رمزي فله نظرة أخرى حيث قال إن "الدراما متفوقة هذا العام كما وكيفًا، والمشاهد له الحق في رؤية عمل أو أكثر، فضلاً عن أن هذه المسلسلات ليست أعمالاً سهلة، ولكنها صناعة يليق بنا أن نحتفل بها، ونعتبرها منطقة جادة ومشرفة في حقل الأعمال المصرية". وعن أكثر الأعمال تميزا قال رمزي "هناك أعمال لا يمكن تجاهلها مثل مسلسل "أهل كايرو" الذي يؤكد أن الدراما وصلت إلى مستوى رفيع في الكتابة والأداء والإخراج والتمثيل، وكذلك الحال بالنسبة ل"شيخ العرب همام" المتميز في كل عناصره، ولا يمكن أن نغفل "الحارة" و"قصة حب"، وتقول الناقدة ماجدة موريس الدراما المصرية عادت لتتربع على عرش الدراما العربية، وقالت إن هناك عددا كبيرا من المسلسلات التي تميزت بمستوى رفيع سواء من حيث الصورة أو المضمون، مثل الحارة، و" الجماعة "، و"أهل كايرو" وغيرها من المسلسلات التي تخلصت من سيطرة النجم الأوحد، وحظيت بنسبة مشاهدة عالية.