كثيرون يتفقون على أن زيارة المسؤول المباغتة بشكل مستمر للعاملين في الجهات الخدمية العامة والخاصة، سواء كانت في ساحات العمل الميداني أو الإداري لها مفعولها في التصحيح، وهي بمثابة الوصول المبكر لمعالجة السلبيات واجتثاثها من جذورها، وهي أيضا المصدر الثري لكل مسؤول. لكن في الآونة الأخيرة خرجت بعض زيارات الكثير ممن يخولهم المسؤول عن مقاصدها الإيجابية المعتدلة والمتوازنة التي تختصر المسافة وتعالج السلبية وتعزز من الإيجابيات وأصبحت كفقاعات صابون نتيجة الأخطاء الفادحة، وذلك لأسباب من أهمها: - ركون رأس الهرم الإدارة (المدير العام) إلى الكسل وإدارة الأفرع من مكتبه الوثير وهو يرتشف فنجان قهوته دون النزول إلى الميدان ليسهم في التغيير من خلال خطة عمل متقنة لمنظومة عمل متكاملة ترسمها أياد صادقة لا تعتمد على ما يرفع من تقارير نثرت على صفحاتها الكثير من الرتوش. - منح الصلاحيات المخولة إلى أشخاص في إدارته لا يجيدون التعامل مع السلبيات بعد أن أصبح همهم الأول الخروج بحصيلة كبيرة من الأخطاء أثناء التعقيب ليتباهوا بها منتشين أمام المسؤول ويعممها على الأفرع في اليوم التالي دون أدنى دراسة لمسبباتها ومعالجتها والاكتفاء بتوجيه الإنذارات الخطية والكلامية المبتورة وغير الشفافة على ضوئها. - عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فترى الوجوه التي منحت الصلاحية وفوضها المدير المتكاسل لا تستحق أن تكون مسؤولة، فبعضهم يستغل السلطة بالتشفي من الأسقام ويحكمون الصورة السلبية على كل مشهد ولا يحسنون التصرف، يشيعون الفوضى في تقاريرهم المرفوعة لصاحب الصلاحية على غير كفاءة. لهذا أهمس في أذن كل مسؤول عند منح صلاحياته للغير من حاشيته فأقول: "ما تزرعه تحصده" فإذا أوكلتم في مسؤولياتكم من الرجال المخلصين جنيتم نجاحا، وإن تم الإيعاز من قبلكم لمن لا يعرف سوى لغة التكبر والتعالي ويرفض كل فكرة من أي فرد في إدارته أو أفرعها فلك أن تتحمل ما يأتيك من المتاعب والخلل المتوقع في أي لحظة. كما عليك دون سواك أيها (المدير العام) أن تحرص كل الحرص على الاستماع إلى صغار الموظفين في الميدان وتطوير الشراكة بينك وبينهم في نوع من الوفاق والألفة والاستماع إلى ملاحظاتهم بشكل دقيق، فلذلك تأثير قوي في الصعود عبر سلم النجاح، حيث على سواعدهم يقوم العمل وهم الدينمو الرئيس وعنصر النجاح الأول، ومن ثم استثمر ملاحظاتهم في عملية التصحيح مع مديري أقسام إدارتك بدلا من السلطة والتسلط اللتين تستغلان تحت ذريعة "بأمر المدير". ترى هل بمقدور المدير العام - أي مدير - أن يشحن طاقته ويأخذ زمام المبادرة ويهجر المكتب "المخملي" ليقوم بزيارة ودية لا مباغتة مع أفرع إدارته بمنطقته ثم يسألهم عن تفاصيل عملهم، ويسأل من يئن شاكيا، ويمنح ممن هم تحت إدارته ولو بشق ابتسامة، ويخصص لهم من وقته ولو لمرة في الشهر. وهناك همسة أخرى جديرة بالذكر في هذا السياق في أذن بعض الذين منحهم المدير -أي مدير- صلاحيات رفع التقارير لمكتبه وتخرج تقاريرهم عن حدود المعقول من واقع تعقيباتهم الميدانية والإدارية لمجريات تسيير العمل والتأكد من عدم وجود معيقات: لا يغركم البريق الخادع للمسؤولية الملقاة على عواتقكم فتخرجون بتقارير قاتمة وتتناسون الكثير من محطات الإنجاز فتشعلون بذلك نيران اليأس في قلب كل مجتهد، فمدبر الكون - سبحانه - جعل التوازن يقوم على مبدأ الثواب والعقاب، ومادام العمل أرضية مشتركة تندرج تحت الحرص على مبدأ المصلحة العامة فاحرصوا على أن تكون نياتكم أداة إصلاح ومساندة ومعالجة متميزة، فالمسألة ليست فقط اكتشاف السلبيات والتقاط الصور لها أو تدوينها في مسودة الورق التي تحملونها أثناء جولاتكم التعقيبية على أماكن العمل دون أن تمتلكوا الرؤية والقدرة والأمانة في معالجتها، فمازال عدم فهمكم لأنفسكم وتعاطيكم في معالجة الإشكاليات وصلاحياتكم المخولة لكم "بأمر المدير" أكبر عائق يحول دون النجاح والإنجاز.