أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) محمد الشريف عدم تجاوب الكثير من الجهات الحكومية أو تأخرها في الرد على رغم صدور أربعة أوامر ملكية بذلك، مشدداً على أن «نزاهة» بذلت ما بوسعها في خطاباتها التعقيبية للوزير أو المسؤول المتخصص لتحديد اسم من تأخر عن الإجابة أو عدمها للهيئة لتقديمه للتحقيق، مضيفاً: «مع ذلك لا توضح أسماءهم، فضلاً عن أن الإجابات التي تصل إلينا لا تغطي ما تطلب الهيئة الرد عنه، سواء كان تحقيقاً أم تصحيح وضع، ونحن مع مساءلة المسؤول». وأوضح الشريف في حوار مفتوح مع أعضاء مجلس الشورى السعودي أمس (الإثنين)، أن الهيئة ترسل في كل خطاب للجهات الحكومية تنويهاً بتلك الأوامر الملكية الداعية إلى إلزام الجهة بالتعاون في كل خطاب، إضافة إلى أنها ترسل تعقيباً أولاً وثانياً وثالثاً للتذكير، ثم ترفع قوائم أسماء غير المتعاونين إلى خادم الحرمين الشريفين، وكرر أن الجهات على رغم تلك الإجراءات لا تتجاوب. وغلبت استفسارات أعضاء المجلس حول عدم استجابة الجهات الحكومية للهيئة، ما دعا العضو الدكتور سلطان السلطان إلى أن يخاطب الشريف بأن الهيئة يجب أن تكون قوية، وأن يكون رئيسها «ذيباً» في التعامل مع المسؤولين عند إرسالها للخطابات - بحسب قوله -، إذ أفاد الشريف بأن الهيئة تتبع أسلوباً مهذباً مع الجهات، وتعتقد أن ما لا يأتي بهذه الطريقة لا يأتي بأسلوب آخر، مضيفاً أن أسلوب الهيئة اللبق ليس دليل ضعف، وإذا لم يفلح هذا الأسلوب فلديها طرق أخرى طبقاً لتعبيره. ووافق رئيس «نزاهة» على ما قاله بعض الأعضاء حول وجود عقوبات صارمة، موضحاً أن صلاحية الهيئة تنتهي عند التحقق وجمع المعلومات عن القضايا التي تصل إليها ومن ثم إحالتها إلى الجهات المختصة، وأشار إلى بطء كبير في إجراءات التحقيق والمحاكمة من شأنه أن يضيع ما تكشفه الهيئة من قضايا فساد. وكشف الشريف عن طريقة تعاطي بعض المسؤولين مع الخطابات التي تحال إليهم، قائلاً: «تحيل الإدارة الكتابة إلى المسؤول موضع الشبهة نفسه للإفادة، وتعيد الرد على الهيئة من دون تنفيذ ما طلب منهم إن كان تحقيقاً أو تصحيحاً، لأن من أعد الرد مسؤولاً عن حصوله، ومن ثم ما يهمه تبرئة ساحته، وهو ما لا يؤدي إلى تصحيح الأوضاع وسد الثغرات»، واعتبر ذلك مخالفة صريحة للأوامر الملكية. وقال الشريف في رده على سؤال المواطنين الذي تلاه الدكتور عبدالله الظفيري، إن اهتمام هيئة مكافحة الفساد بالمشاريع الكبيرة يفوق اهتمامها بالأمور الصغيرة، ولكن لأنها شائعة يبدو أن هذا عمل «نزاهة»، مشدداً على أن هذا الاهتمام لم يشغل الهيئة عن مشاريع الدولة الكبيرة. بدورها، طالبت العضو الدكتورة دلال الحربي هيئة مكافحة الفساد بالتركيز على المحسوبية والمحاباة في التوظيف، وأضافت: «إن الفساد العلمي واضح بدرجة عالية جداً، وواضح أشد الوضوح في المناصب الأكاديمية من الأعلى حتى رؤساء الأقسام»، إذ أجابها الشريف بأن المحاباة في التوظيف اكتشفتها الهيئة، وأنها «موجودة من زمان»، وأن المحاباة في التوظيف موجودة وتعد من الواسطة المذمومة التي تمنع حقاً، وكل ما يصل إلى الهيئة من قضايا بهذا الشأن تتم متابعتها، مضيفاً: «ليس من أساليب الهيئة الجبر ولا الستر عن الفاسدين». فيما أكدت عضو المجلس الدكتورة حنان الأحمدي وجود فراغ تشريعي في معالجة المخالفات للأجهزة الحكومية التي تشملها أجهزة الرقابة، وأن 21 هدفاً ل«نزاهة» لا تجد فيها نصاً على العقوبات في حال عدم تعاون الجهات الحكومية، وقال الشريف إن نظام الهيئة ليس جزائياً، بل نظام يطرح مبادئ ونصوصاً، ومخالفة أمر ملكي يسبقه تحقيق، وتتم العقوبة من خلال الأنظمة التي تنص على مخالفة أمر ملكي، وتطبيق ذلك الجزاء ليس من اختصاص «نزاهة».