كان "لويس فان جال" يتمنى أن يودع المنتخب الهولندي بأفضل طريقة من خلال قيادته إلى لقب بطل العالم للمرة الأولى في تاريخه، لكنه سيضطر إلى الاكتفاء بمباراة وداعية "هامشية" ضد البرازيل المضيفة اليوم في برازيليا على المركز الثالث لمونديال 2014. كان "فان جال" وبامتياز نجم المدربين في النسخة ال20 من نهائيات كأس العالم بفضل جراءته وحنكته، وهو سيترك "البرتقالي" بذكرى جيدة بعد أن كان فريقه صاحب أجمل العروض في البطولة التي ودعها دون أن يخسر بعدما انتهى مشواره فيها بركلات الترجيح أمام الأرجنتين. لكن لا يمكن قول الأمر ذاته عن نظيره البرازيلي "لويز فيليبي سكولاري" الذي شاهد منتخبه يتقهقر في الدورين الثاني وربع النهائي وصولا إلى السقوط التاريخي المذل أمام ألمانيا (1/ 7) في دور الأربعة. وإذا كان مصير "فان جال" معروفا كونه اتخذ قراره قبل النهائيات بالانتقال إلى إنجلترا من أجل الإشراف على مانشستر يونايتد، فإن "سكولاري" لم يحسم أمره بعد رغم عاصفة الانتقادات التي يواجهها وهو كشف بأنه سيعلن عن قراره بعد مباراة المركز الثالث. من المؤكد أن المجهود الذي قام به "فان جال" في مغامرته الثانية مع المنتخب الهولندي (الأولى كانت بين 2000 و2002) كان رائعا، لكن أحدا لن يتذكر العروض المميزة التي قدمها الفريق بقيادته بعد الفشل في الوصول حتى إلى المباراة النهائية، وذلك لأن هولندا ليست بالمنتخب الذي يرضى بالدور نصف النهائي وحسب، بل إنها تتطلع دائما لتكون منافسة على اللقب. ما هو مؤكد أن فان جال سيسلم لخلفيته "جوس هيدينك" الأسس الصحيحة التي ستخول المنتخب الهولندي بشبابه الرائعين "ستيفان دو فريي" و"برونو مارتنز إيندي" و"دالي بليند" والمخضرمين "أريين روبن" و"ويسلي شنايدر" و"روبن فان بيرسي"، ويكون المرشح الأوفر حظا للفوز بكأس أوروبا المقبلة عام 2016 في فرنسا. لكن لا يمكن قول الأمر ذاته عن "سكولاري" الذي كان الخيار البديهي للاتحاد البرازيلي بعد إقالة "مانو مينيزيس" في نوفمبر 2012، خصوصا أنه كان "مهندس" التتويج الأخير لبلاده عام 2002. فسكولاري لن يترك لخلفه في حال رحيله سوى فريق "محطم" معنويا ويفتقد إلى مكونات النجاح؛ بسبب تواجد لاعبين غير قادرين على الارتقاء إلى مستوى التحدي ولا إلى اسم البرازيل في عالم الكرة المستديرة. ويبدو أن "سكولاري" يعيش في عالمه الخاص ولم يستمع إلى رأي الشارع البرازيلي الغاضب بكل فئاته أو إلى عناوين مثل ذلك الذي كتبته صحيفة "أو ديا": "اذهب إلى الجحيم فيليباو". دخل سكولاري إلى نهائيات النسخة ال20 وهو يشدد على أنه ليس خائفا من تحدي أن يصبح ثاني مدرب يحرز اللقب مرتين بعد الإيطالي "فيتوريو بوتزو" في 1934 و1938: "لو كنت خائفا من التحديات لما كنت قد حققت أي شيء في مسيرتي". لكن هذا الحلم أصبح سراب ومغامرة "فيليباو" مع بلاده وصلت على الأرجح إلى نهايتها ولن يتمكن من الارتقاء إلى مستوى التحدي الذي وضعه لنفسه.