إن معنى الكرة المعاصرة لم يعد ينحصر بخطط اللعب في أرضية الملعب، أو بقدرة لاعب ما على شغل أكثر من مركز أو بأسلوب اللعب الشامل الذي قدمه الهولنديون إلى العالم، بل امتد هذا المفهوم إلى خارج الملعب من خلال الهالة الإعلامية التي تحيط باللاعبين. ومن الطبيعي أن تتمحور كأس العالم حول اللاعبين سواء في المباريات والتمارين، والمؤتمرات الصحافية، أو في مطارات البرازيل التي تحتضن النسخة العشرين من العرس الكروي العالمي، لكن عدسات الكاميرات واهتمام الجمهور تجاوزوا حدود المستطيل الأخضر، وأصبح الاهتمام بمظهرهم الخارجي مادة دسمة تستغلها الماركات التجارية للترويج لنفسها، وبمعنى آخر تحول النجوم من قدوة كروية إلى عارضي أزياء. وبما أن اللاعبين يعتبرون المثل الأعلى لملايين من الجمهور الشاب بشكل خاص، فأي تغيير في مظهر نجم ما قد يتحول إلى موضة عالمية. من المؤكد أن لاعبين عظماء مثل بيليه، بكنباور، جيرزينيو، كرويف، مارادونا أو بلاتيني، لم يقلقوا حيال تسريحة شعرهم أو أوشامهم، إذا كانت موجودة أصلا، ولم يفكروا في ذلك عندما كانوا يغزون عالم المستديرة، لكن العصر تغير وكذلك اللعبة وأصبح هناك عالم افتراضي له ثقله وتأثيره على الحياة الواقعية، فمواقع صحفات التواصل الاجتماعي اشتعلت، عندما ظهر نجم البرتغال وريال مدريد الإسباني كريستيانو رونالدو بتسريحة شعر جديدة الأحد الماضي في المباراة التي تعادلت فيها البرتغال مع الولاياتالمتحدة الأميركية 2/2. وكان الحديث عن تسريحة شعر "سي أر 7"، أكثر من الحديث عن احتمال خروج البرتغال من الدور الأول بعد حصولها على نقطة واحدة من مباراتين، والأمر ذاته ينطبق على عدد كبير من لاعبي "الماركة" مثل النجم الإنجليزي السابق ديفيد بيكهام، أو البرازيلي نيمار أو الياباني كيسوكي هوندا. بعض هؤلاء يعتبرون نجوما كبارا في عالم الكرة المعاصرة، ويستحقون الاهتمام الإعلامي "التجاري" بهم كونهم يملكون موهبة كبيرة، وعلى رأسهم رونالدو. وكانت صور اللاعبين لحظة نزولهم من الطائرات بربطات العنق والبذات التي تصارعت الماركات العالمية الكبرى من أجل تزويدهم بها بهدف الترويج لنفسها، الأكثر رواجا خلال العرس الكروي البرازيلي، لكن المنتخبات ترتبط عادة بعقد رعاية مع شركات معينة وتحرم لاعبيها من الانفراد بالترويج لماركة من اختيارهم. ما لا شك فيه أن لاعبي العصر الحديث أصبحوا "سلعة" ترويجية لماركات عالمية غير رياضية، والأمر ليس محصورا بالترويج لدار أزياء شهيرة وحسب، بل هناك السيارات أيضا، هلام الشعر، العطور، الألبسة الداخلية، الساعات، وغيرها من الإكسسوارات الأخرى التي يمكن للشخص أن يرتديها، أو يحملها. أما بالنسبة للوشم وتسريحة الشعر، فهذه مسألة مختلفة تتعلق بخصوصية اللاعب وتميزه عن غيره لكن سرعان ما تتحول الخصوصية إلى "عالمية" ويصبح هناك مليون "رأس" شبيه برأس رونالدو أو بيكهام وغيرهم من نجوم الموضة الكروية الكبار.