إن علم النفس في بدايته قام على نظريات تنامت على مر العصور وخضعت للعديد من الدراسات والبحوث العلمية على أيدي أناس قضوا جل وقتهم حتى تظهر لنا هذه المعرفة في صورتها الراقية التي ترونها عليها الآن، فمما لا شك فيه أن علم النفس في وقتنا الحاضر بات من العلوم المهمة جداً والأساسية في حياة الفرد قبل الجماعة، وأصبحت له معاهده ومراكزه التعليمية والعملية، والتي يقوم عليها رجال أكفاء يُفتخر بهم على وجه العموم. ومع كل هذه الإيجابية العالية التي أشعر بها تجاه هذا العلم الرائع والذي كنت أفكر في يوم من الأيام أن أجعله تخصصا دراسياً لي، إلا أني ما لبثت طويلاً إلا وشعرت بأنني بحاجة لمراجعة طبيب نفسي محترف، حتى (أفضفض) له عما بداخلي! فمما يحزنني جداً أن أرى هذا العلم القائم بذاته "منبر من لا منبر له" أقصد مهنة من لا مهنة له! فذاك يحلل وذاك يفسر وذاك يشرح قائلا من رؤية نفسية بحتة. ولعل الدافع الرئيسي لهذا كله ما هو إلا نقص بالثقة لدى البعض، كما أن للبعض الآخر فضولا يدفعه للوصول إلى خصوصيات الآخرين، فلا يجد سوى طريق علم النفس طريقاً لإشباع ذلك الفضول. مطبقاً على نفسه المقولة الشهيرة: (طبيب يداوي الناس وهو عليل!). إن ما قلت لا يهمش أبداً أو يستنقص من قيمة النصائح الحكيمة المتزنة، التي تصدر من أناس نثق بهم الثقة التي يستحقونها، ولكن ما أنا ضده تماماً هو إطلاق الأمراض النفسية جزافاً من دون دراية، إضافة إلى التحليلات الخاوية التي يضحك منها كل من يقرأها وما أكثرها بيننا، بل وبعضها يطلقها أصحاب مؤهلات عالية ولكنهم على قول أشقائنا المصريين (بتاع كله يا معلم)، وهذه مصيبة في حد ذاتها. لمحة: لا تتحدث عن شيء لا تعي معناه وأبعاده الحقيقية أبداً!