"لطالما تكررت "لا" دونما أي تبرير لذكرها، فقد اعتاد زوجي على التلفظ بها دونما تفكير، ولا زلت أتذكر أحد المواقف عندما طلب منه ولدي الصغير تقبيله، وعلى الفور كانت "لا" تحتل الصدارة، فصدم الطفل بقسوة أبيه". هذا ما قالته "أم سالم" التي تعودت على سماع كلمة "لا" من زوجها باليوم عشرات المرات، ورغم تحملها هذا الوضع حتى تستمر سفينة الحياة، فإن ما يضاعف معاناتها هم الصغار، تقول "ما يؤرقني هم الأطفال الذين يصدمون من أقرب الناس لهم". تقول الطالبة الجامعية خلود الشمري "كثيرا ما يتلفظ الآباء والأمهات بكلمات لا يحسبون لها حسابا، ولا يدركون بأنها تدمر نفسية أبنائهم، ومن المواقف التي حدثت لي ولا زالت تستدعيها ذاكرتي هي ذلك الأسلوب القاسي الذي كنت أتعامل به في الصغر، حين كانت طلباتي تواجه دائما بالرفض دونما توضيح الأسباب، حدث ذلك عندما طلبت من والدتي زيارة إحدى الزميلات في منزلها، فرفضت أمي، في المقابل كنت أتمنى لو أنها بررت لي موقفها ورفضها لمطلبي، حتى أقتنع، بدلا من أن أقع في مغبة الأفكار التي حاصرتني بسبب ذلك، ومنها عدم الثقة بي!". من جانبها، قالت المدربة المعتمدة من مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بمنطقة الجوف حكيمة الرويلي: "الكلمة هي أساس التربية، فالأهل يوجهون أبناءهم بها، ويحاسبونهم بها، ويشجعونهم بها، وأيضا يغضبون منهم بها، وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أهمية الحوار مع الأبناء في أي من الموضوعات التي تعن لهم، حتى نصل في النهاية إلى الإقناع الذي يزيل الشحنات السلبية التي قد تنجم عن الرفض غير مبرر". وتضيف الرويلي: إن "الحوار الأسري أهم وسائل الاتصال الفعالة، التي تحقق نتائج نفسية، وتربوية، ودينية، واجتماعية إيجابية، فبه نستطيع الوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين، وبطبيعة الحال قد يختلف هدف النقاش باختلاف المواقف الحياتية". وأكدت المدربة أن "الحوار هو الوسيلة البنائية العلاجية التي تساعد في حل كثير من المشكلات، وبناء جو أسري سليم يدعم نمو الأبناء، ويؤدي لتكوين شخصية إيجابية سليمة، والأهم من ذلك أنه يدعم العلاقات الأسرية بشكل عام". وحذرت الرويلي من عدم تبرير رفض مطالب الأبناء، وقالت إن "الرفض دون توضيح إسراف في استخدام السلطة الأبوية، ومعناه فقط .. "استمع لرأيي، واستجب له دونما أية تفكير، وذلك يعد عدوانا على كيان الطرف الآخر، حيث يشعره ذلك أنه أدنى من أن يُحاور، وأن عليه فقط الاستماع للأوامر، والاستجابة دون مناقشة". وطالبت المدربة بأن يكون الإقناع قاعدة تربوية أساسية في التربية، وتجنب استخدام الأسلوب القهري الذي قد تكون نتائجه سلبية على تربية الأبناء. في نفس الاتجاه، تؤكد أخصائية علم النفس بتعليم القريات هلالة المعبهل إن "الأسلوب القهري الذي يتعامل به الآباء مع أبنائهم قد يؤثر سلبا على نفسياتهم، وشددت على ضرورة ذكر الأسباب عند رفض مطلب للابن، حتى لا يقع في شراك الحيرة، وعدم الثقة بالنفس.