تنشط عملية ترويج المنشطات والمهدئات بين الطلاب والطالبات في موسم الامتحانات كبديل بدافع خداعهم بأن تعاطي هذه الأنواع من الحبوب المنشطة يعطي القدرة على السهر واستذكار الدروس ويساعد الطلاب على حفظ المعلومات بشكل أسرع، مما يتسبب في إغراق العديد منهم في "وحل المخدرات". فمنذ سنوات عرف الكبتاجون بأنه العقار الوحيد المنشط الذي يكثر تداوله بين الطلاب في مرحلة الامتحانات، لكن منذ بداية العام الدراسي الحالي بدأ يظهر تداول طلاب المدارس لعقار "ليريكا"، الذي سادت اعتقادات خاطئة في أغراض استخداماته بين الطلاب، فالحصول على قسط من الراحة والهدوء والتخلص من القلق مطلب دفعهم للحصول عليه مما أسهم في انتشاره بشكل واسع في أوساط المجتمع. عقار خطير وكشف استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد عن أن تعاطي الطلاب لعقار "ليريكا" في فترة الامتحانات بهدف التخلص من القلق والتوتر والحصول على تركيز يساعدهم على الاستذكار، كل هذه الأمور تدخل فيها اعتقادات خاطئة لا أساس لها من الصحة، لعدة أسباب، منها أن عقار "ليريكا" لا يساعد على التخلص من القلق ولا يعد من العقاقير المهدئة، موضحا أن استخدام هذا العقار يتم عن طريق وصفات طبية من قبل الأطباء ويصرف لحالات معينة للقلق، بمعنى أنه للحالات المرضية، وليس مناسبا لجميع حالات القلق، ويكون ذلك تحت الإشراف الطبي. وأضاف أن عقار "ليريكا" من الأدوية المعالجة للأعصاب، وأخذه بدون وصفة طبية يعد مخاطرة بصحة الإنسان، مشيرا إلى أن التعود على تناوله لا يسبب إدمانا، بل له أضرار سيئة على الصحة العامة، كاشفا عن أن الحصول على هذا العقار يكون من قبل الصيدليات العامة، باعتبار أن هذا العقار ليس من ضمن الأدوية "الوصفية" التي يشترط فيها وصفة طبية لشرائها، مما ساعد في تسهيل طرق الحصول عليه من قبل الطلاب أثناء فترة الامتحانات وغيرها من الأوقات. وطالب الحامد بأهمية تشديد الرقابة على صرف الأدوية في الصيدليات العامة، ووضع نظام وآلية تنظم عملية الصرف، بحيث لا يتم الحصول على أي عقار إلا عن طريق إحضار وصفة طبية وهذا هو المعمول به في كافة دول العالم. وأكد أن الطلاب حينما يستخدمون عقارا جديدا سيشكل أعراضا خطيرة على صحتهم، وخاصة أن عقار "ليريكا" يستخدم لعلاج بعض الأمراض العصبية، وتناوله بدون استشارة طبية ينعكس بشكل سلبي على الفرد وقد تكون له أضرار بعيدة المدى في كثير من الأحيان، كاشفا عن أن الترويج لتناول حبوب "ليريكا" خاصة بين طلاب المدارس، يدل على أن هناك مصدرا له علاقة وثيقة وغرض في الترويج لهذا المنتج، وقد يكون السبب دعائيا وترويجيا لشركة الدواء المصنعة لهذا المنتج، وهذا يحدث في كثير من الأحيان ويكون ضحيته الأشخاص الذين ينساقون وراء تلك الدعايات الإعلانية الربحية. 700 ألف مدمن من جهته، أوضح استشاري الطب النفسي والإدمان بمجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض الدكتور عصام الشورى، أن تعاطي الحبوب المنشطة والمهدئة في فترة الامتحانات مثل كبنتاجون، ليريكا، وغيرها، له أضرار متفاوتة، لكن من المعروف أن الكبتاجون من المخدرات التي تسبب إدمانا على التعاطي، بينما نجد عقار "ليريكا" لا يعد من الحبوب المسببة للإدمان لكن أضراره قد تكون أكثر خطورة على الفرد، مشيرا إلى أن استطلاعا سابقا أجري في عام 2010 كشف عن أن عدد المتعاطين في المملكة يبلغ 700 ألف متعاط لجميع أنواع المخدرات، بينما نجد في الوقت الراهن تزايدا في عدد المدمنين على الحبوب المنشطة مثل الكبتاجون، وكذلك تعاطي الحشيش، مما يدل على وجود زيادة في نسبة مدمني المخدرات بالسعودية، موضحا أن هناك عزوفا من المدمنين على الإقبال على مستشفيات الأمل في السعودية من أجل طلب العلاج، مرجعا ذلك لعدة أسباب، منها وصمة العار وقلة المراكز أو المستشفيات المخصصة لعلاج الإدمان واقتصارها على مدن رئيسية. وأكد أن المدمن على المنشطات يستغرق فترة طويلة للتخلص من إدمانها، والبعض قد يكلفه ذلك العمر بأكمله، وأما المهدئات فلا تسبب جميعها إدمانا أو تعودا، فالتخلص منها يختلف عن المنشطات. زبائن دائمون إلى ذلك، أوضح الصيدلي سمير عبدالغني أن بيع عقار "ليريكا" لا يتطلب إحضار وصفة طبية، حيث يعد الدواء من الأدوية "غير الوصفية"، مشيرا إلى أن أغلب زبائن "ليريكا" طلاب الجامعات في فترة الامتحانات، كذلك طلاب المرحلة الثانوية. وقال عبدالغني إنه لا يعرف سبب تعاطي الشباب لهذا الدواء، فهناك إشاعات حول أن البعض يتناوله للتخلص من القلق والتفكير والبحث عن مزاج معتدل خاصة الشباب المراهق، كاشفا عن أن استخدامات عقار "ليريكا" تختلف تماما عن هذه الاعتقادات، فهو عقار يستخدم كمسكن لآلام الأعصاب والعظام، لذلك فإن استخدامه بدون استشارة طبية يتسبب في العديد من المضاعفات كالاستسقاء في الأطراف، وصداع ودوخة وإحساس بالوحدة، وترنح، وزيادة في الوزن، ورعشة، وعدم وضوح الرؤية، والارتباك. مجتمع مستهدف بدوره، أكد مدير إدارة التوعية والإرشاد في وزارة الداخلية الدكتور علي الشايع النفيسة، أن دور الإدارة شمولي في عملية التوعية وهو خاص بالقطاعات الأمنية بالدرجة الأولى، فمنسوبو القطاعات الأمنية هم جزء من شرائح المجتمع المختلفة، فلاشك نقوم بعملية التوجيه لمنسوبي هذه القطاعات، فهذا جزء من رسالتنا تجاه المجتمع، باعتبارهم شريحة كبيرة منه. وأضاف أن الإدمان على المنشطات يكون سببا في ارتكاب بعض الجرائم نتيجة اختلال سلوك الفرد وقد يرتكب بعض السلوكيات الخاطئة في المجتمع، مما دفع إدارة الإرشاد لتقديم برامج توعوية وإرشادية للمساجين داخل السجون وخاصة ممن لهم تجارب سابقة بالمخدرات. وتقوم لجنة الإرشاد بزيارة العنابر الخاصة للسجناء ممن لهم تجارب في التعاطي والتهريب والترويج، ونقوم بتوجيه الإرشادات والتوعية لهم والتركيز على الجانب الشرعي، مشيرا إلى أن السعوديين مستهدفون من قبل تجار المخدرات في ظل ما حبنا الله من ثروة، فمن هذا المنطلق يستهدف الشباب والفتيات. لا دواء بدون وصفة وكان المتحدث بوزارة الصحة خالد مرغلاني قد أكد في وقت سابق، أن الوزارة تراقب الصيدليات الخاصة في كافة المناطق؛ حيث يتمثل ذلك في المتابعة والمراقبة لمنع أي تجاوزات تحدث وتخالف المعايير المهنية وأنظمة تداول الأدوية والمستحضرات الطبية في هذه الصيدليات، مؤكدا أن وزارة الصحة لم تغفل عن تنظيم عملية صرف الأدوية في الصيدليات الخاصة؛ حيث هناك تعليمات واضحة للصيادلة تمنع بيع العلاجات إلا بوصفة طبية، ويستثنى من ذلك "اللاوصفية"، وذلك وفقا للمادة 23 من نظام مزاولة المهن الصحية التي تحظر صرف أي دواء إلا بوصفة طبية صادرة عن طبيب مرخص له بمزاولة المهنة. وأضاف أن الوزارة قامت بالتشديد على كافة المديريات الصحية بأهمية وضع لوحات إرشادية داخل الصيدليات، بحيث يتم وضعها في أماكن واضحة، تشتمل على تعليمات صرف الأدوية، موكدا أن المديريات الصحية تطبق هذه الأنظمة واللوائح الصادرة في هذا الشأن ومعاقبة المتهاونين. وعن الغرامات المستحقة في حق المخالفين أوضح مرغلاني أنه قد يصل الأمر إلى الإغلاق للصيدليات المخالفة للوائح والأنظمة، وسحب الترخيص والمنع من مزاولة المهنة.