مفاهيم كثيرة تغيرت وتبدلت وأصبحت مشوهة في حياتنا وعالمنا الذي نعيش فيه.. ولن أبحث عن السبب في ذلك، ولكن سأدلل لكم كيف أننا أصبحنا نقلب المفاهيم، بل ونشوهها ولا نعي حقيقتها.. مثلا: "الشخصية القوية" عندنا: هي التي يتصف صاحبها بالغضب والتسلط والعصبية والمركزية في اتخاذ القرار، وإن اجتمعت كل تلك الصفات في شخص ما، وصف بالشخصية القوية التي لا يشق لها غبار! والكثير منا يحاول الوصول لبعض تلك الصفات حتى يوصف: بالشخصية القوية! وهذا تزوير حقيقي لمعنى الشخصية القوية وتشويه عجيب. فالشخصية القوية هي التي يستطيع صاحبها احتواء الجميع والتعامل مع المشاكل الطارئة بحكمة ودون أي عصبية أو تسلط أو تجبر، ويستطيع تحويل السلبي للإيجابي.. ولا تحتكر كل شيء لديها وتؤمن بالتكامل والتعاون.. وتستفيد من كل شيء، وسوف أدلل هنا بالحديث الشريف الذي يعرف فيه "المصطفى صلى الله عليه وسلم" معنى وحقيقة الشخصية القوية. عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصُّرَعةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".. فالحديث النبوي يبين وبما لا يترك مجالا للشك أن الشديد "القوي" ليس بالصرعة، وهو القوي الذي يصرع الناس بقوته.. ويدخل في دائرته القوي المتجبر الذي يصرع الناس بتسلط لسانه وقراراته.. وإنما الشديد "القوي" هو الذي يستطيع التحكم في نفسه ولا يكون عبدا لانفعالاته.. وضعيفا للغضب الذي يذهب الحكمة.. ومن هنا أطرح تساؤلا مهما: هل نحن بحاجة لإعادة تصحيح كثير من المفاهيم في حياتنا وتعاملاتنا، لتعديل السلوك السلبي عند الناشئة.. وتغيير القناعات الخاطئة عند الكثيرين في مجتمعنا؟! أقول جازما: نعم، نحن بحاجة لذلك.. وذلك من خلال استخلاص القيم التربوية والاجتماعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. وكذلك نحن بحاجة لتربويين متخصصين يستطيعون تقديمها بشكل علمي وممنهج يراعي المكان والزمان والمرحلة العمرية.