استطاعت تقاليد وعادات الآباء والأجداد وطرائق معيشتهم في عصور مضت أن تسجل غلبتها على أحدث ثورة تقنية ومعلوماتية عرفتها البشرية، حينما سعت التقنية الحديثة "صاغرة" لتبحث عن زينتها وجمالها خلف وبر الإبل، وجوار صوف الغنم، بالقرب من عيدان الأثل وسعف النخيل. فلك أن تتخيل أن نظامي "الإندرويد و ois" للهواتف الذكية واللوحية الحديثة بهيبتها، ومدنيتها، باتت تبحث عن كمالها وجمالها عند حائكات الوبر، وناسجات الصوف، وعاجنات الرغيف والخبز والكليجا، وذلك في حدث تاريخي يسجل الغلبة والنصر للحرف اليدوية الأصيلة، والموروث الوطني المحلي، الذي تجذر في ثقافة الآباء والجداد. وبدا أن حرباً ضروساً تدور في دهاليز مقر مهرجان الكليجا السادس ببريدة، الذي يستمر حتى 11 صفر الجاري بين مظاهر العصر الحديث، وركائز الموروث الأصيل، لتظهر أمام الزوار والحضور روح المنافسة الطاحنة التي رسمتها بلوحة بانورامية حرفة ومهارة الأسر المنتجة والمشاركة في المهرجان. فليس غريباً أن تلحظ في مهرجان الكليجا الذي يُعنى بالأكلات الشعبية، والحرف اليدوية القديمة، من يجوب ممراته كي يتحصل على بعض الإكسسوارات التجميلية والتكميلية للهواتف الذكية، أو لأجهزة المحمول والحاسب الآلي، وحتى للمركبات والسيارات الحديثة، وكل هذا يجيء بإخراج وفن يعتمد على وبر الإبل تارة، وجريد النخل وسعفه تارة أخرى، وحتى بواقي الأكل وفتاته كنوى التمر مثلاً. وبات معتاداً للحرفيين والحرفيات والأسر المنتجة العاملة ضمن مناشط المهرجان أن يأتي الزبائن في أحايين كثيرة كي يتسوقوا، ويطلعوا على جديد الزينة والتجميل لهواتفهم الذكية مثل "جراب الهاتف، وحامله، وتلبيسة مقاعد السيارة وغيرها من المصنوعات والمنسوجات اليدوية الدقيقة والبسيطة" التي تلقى إقبالاً يعكس المحتوى الفريد الذي يقدمه المهرجان لزبائنه. المدير التنفيذي لمهرجان الكليجا السادس ببريدة عبد الرحمن السعيد بين أن المزج بين الموروث الأصيل، والحديث الحاضر لإخراج مشغولات ومصنوعات يستفيد منها كل أطياف المجتمع، وكافة طبقاته أمر يسعى له منظمو ورعاة المهرجان، الأمر الذي نراه يتحقق – بتوفيق الله – في بعض المصنوعات الجلدية، وأعمال الحياكة للصوف والوبر، كما هو ماثل في الشنط الحاملة للهواتف الذكية وأجهزة الحاسب، والمفروشات الحافظة لمقاعد المركبات، وغيرها.