بدأ النظام السوري عرقلة عمل المفتشين الدوليين عن طريق وضع العقبات في طريقهم وافتعال مواجهات مع قوات المعارضة في مناطق وجود الأسلحة الكيماوية، حيث قصفت طائراته الحربية أهدافاً تسيطر عليها قوات المعارضة بالقرب من موقع رئيسي لتلك الأسلحة فجر أمس، مما يزيد من المخاطر التي يواجهها الفريق الأممي المكلف بالتخلص من الترسانة السورية. وقال نشطاء إن الغارات الجوية استهدفت بلدة "السفيرة" على أطراف مجمع عسكري مترامي الأطراف يعتقد أن فيه منشآت لإنتاج الأسلحة الكيماوية، وذلك بعد ليلة شهدت اشتباكات بين مقاتلي المعارضة وقوات الأسد في قرية قريبة. وأشاروا إلى أن قوات الأسد خاضت قتالاً ضارياً من أجل استعادة السيطرة على مجمع السفيرة العسكري، قبل دخول المفتشين الدوليين له، وتسعى لإحكام سيطرتها على المنطقة واستعادتها من وحدات المعارضة، ومن بينها جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطان بتنظيم القاعدة. ويرى بعض المحللين السياسيين أن اندلاع القتال في هذه المنطقة هو محاولة من النظام السوري لمنع دخول المفتشين الدوليين، بزعم انتشار العنف. ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة متشجان سونر تراجر في تصريحات إلى "الوطن": "حذرنا منذ البداية من أن النظام السوري مخادع ومراوغ، وسيعلن في البداية الامتثال لتنفيذ القرارات الدولية، ويؤكد موافقته عليها، ومن ثم سيلجأ إلى عرقلة عمل المفتشين بشتى الصور. لذلك على المجتمع الدولي أن لا ينخدع بهذه الحيل، وأن يضغط على دمشق لإيقاف المعارك في كافة أماكن وجود الكيماوي". وأضاف: "الإدارة الأميركية أدركت توجه الأسد نحو توسيع نطاق المعارك، لمنع تدمير ترسانته الكيماوية وتهريبها لبعض دول الجوار. لذلك دعت خلال اليومين الماضيين إلى فرض وقف لإطلاق النار بين الحكومة والمعارضة لإكمال مهمة المفتشين، ونعتقد أن هذا هو الحل الأنجع لتنفيذ مهمة التخلص من الترسانة السورية. وعلى واشنطن انتهاز هذه الفرصة لتنفيذ الهدنة وإعادة تسليح المعارضة المعتدلة بما يجعلها قادرة على تحقيق توازن على الأرض". بدوره، يرى المحلل السياسي مايكل ريتشارد أن سلامة المفتشين الدوليين ينبغي أن توضع في الاعتبار. وقل ل"الوطن": "ليس غريباً على النظام السوري أن يشن غارات جوية بالقرب من أماكن وجود الكيماوي خلال وجود المفتشين الدوليين، وقد سبق له أن ارتكب هذا الفعل في أغسطس الماضي عندما أطلق بعض منسوبيه النار على فريق التفتيش لإرهابهم ومنعهم من الحصول على أدلة تدين النظام عن مجزرة الغوطة التي راح ضحيتها 1400 شخصاً. وعلى الأممالمتحدة أن لا تتساهل في هذا الأمر. وأن ترغم الأسد على إعلان الهدنة، ولو كان ذلك عبر مجلس الأمن الدولي". وتابع: "إضافة لتهيئة الأجواء لتدمير الكيماوي، فإن إعلان وقف إطلاق النار يوسع من الفرص المتاحة لعقد مؤتمر جنيف2 أواسط الشهر المقبل. وبإمكان واشنطن والدول الغربية الاستفادة من وقف القتال في تدريب وتسليح الثوار، ليكونوا نواة للجيش السوري خلال الفترة القادمة". في سياق منفصل، تبرأ الائتلاف الوطني المعارض من أي خرق يطال قواعد القانون الدولي الإنساني، وذلك إثر نشر منظمة العفو الدولية أول من أمس تقريراً اتهمت فيه مقاتلين متشددين بقتل ما لا يقل عن 190 مدنياً وخطف 200 آخرين في قرى بمنطقتي "اللاذقية" و"طرطوس" مطلع شهر أغسطس الماضي. وشدد الائتلاف في بيان رسمي على تعامله بكامل الجدية مع جميع التقارير المقدمة بهذا الشأن، خاصة التقرير الأخير. وأضاف أنه لن يتهاون مع مرتكبي الخروقات، وسيحاسب كل من شارك وتورط فيها أو دعمها أو غطى عليها، من خلال محاكمات عادلة تتم أمام قضاء نزيه، ولن تطال المحاسبة العناصر التابعين للنظام فقط، بل وكل من يدعون العمل تحت راية الثورة.