في وقت يعد مركز حراسة المرمى الأهم في فريق كرة القدم، ما يمنحه نسبة لا تقل عن 50% من قوة أي فريق، نجد أن الأندية السعودية تعاني في المواسم الأخيرة من إيجاد حارس مرمى قادر على بث الثقة في زملائه خاصة المدافعين، وهو ما انعكس سلباً على المنتخبات السعودية التي باتت تنتظر اكتشاف اسم جديد يعيد للأذهان إبداعات جيل "عمالقة" المرمى السابقين، أمثال أحمد عيد، مبروك التركي - يرحمه الله -، سالم مروان، عبدالله الدعيع، سعود السمار، وأخيراً محمد الدعيع. أخطاء متكررة وإذا ما استثنينا أسماء قليلة كحارس الفتح عبدالله العويشير (22 سنة)، والنصر عبدالله العنزي (23 سنة)، والهلال عبدالله السديري (21 سنة)، وإن يبقى الأخير محل جدل لدى جماهير ناديه بسبب أخطائه أخيراً، خاصة بعد أن فقد الهلال خدمات حارسه الأول خالد شراحيلي (26 سنة)، بسبب إيقافه من لجنة المنشطات لعامين، تبقى المشكلة الكبيرة التي تهدد الحراسة السعودية في تكرار الأندية أخطائها في استقطاب أسماء غير مقنعة في حضورها وتجاوز عمر أصحابها حاجز الثلاثين عاماً، على حساب مواهب شابة مؤهلة لحماية عرين تلك الأندية مستقبلاً. ويجسد ذلك التوجه تعاقدات الصاعدين أخيراً لدوري عبداللطيف جميل النهضة والعروبة، عندما جلب الأول تيسير آل انتيف (39 سنة)، إلى جانب فيصل الخالدي (32 سنة)، وفيما استقطب العروبة عبده بسيسي (36 سنة)، الذي سبق أن هبط مع الأنصار في العام الأول من صعوده، وتكشف مثل هذه التعاقدات إصرار الأندية على قتل المواهب وتكرار أخطاء سابقيها. حراسة شابة يعد الفتح من بين أفضل الأندية السعودية التي تدار بفكر إداري محترف، وبالرغم من قلة الإمكانات المتوفرة له، إلا أنه استطاع مقارعة أندية الملايين وخطف لقب الدوري، ومن مكاسبه الفنية أيضاً تألق حارسه الشاب عبدالله العويشير، في الموسمين الماضيين ما ساهم في إبعاد محمد شريفي، متجاوزاً عنصري قلة الخبرة "لم يتجاوز ال22 عاماً" وقصر قامته ونجح في كسب إعجاب الجميع ومنحهم أمل استعادة هيبة الحراسة السعودية. "عواجيز" الهلال منذ إيقاف حارسه خالد شراحيلي، بحث الهلال عن اسم ينافس الشاب عبدالله السديري، والذي لا يزال يرتكب أخطاء بدائية، ووقع اختيارهم على الحارس الاتفاقي فايز السبيعي (31 سنة)، بجانب وجود حارس ثالث وهو فهد الشمري (32 سنة)، الذي أمضى قرابة 7 مواسم في الهلال ولم يحظى بفرصة المشاركة إلا في مناسبات قليلة، مكتفياً بالظهور عند تجديد عقده أو على دكة الاحتياط في حال تعرض أحد زملائه للإصابة، وبذلك يضيق الهلال الخناق على حارسه الشاب بحارسين كبيرين في السن، مواصلاً بحثه عن خليفة لأسطورته المعتزل محمد الدعيع. أخطاء وليد يبقى الدولي وليد عبدالله (27 سنة)، وهو سن مميز لحارس المرمى، الاسم الأكثر حضوراً في فريقه الشباب، بيد أن الأخطاء التي وقع فيها خلال الموسم الماضي، وساهمت بشكل أو بآخر في فقدان فريقه عدداً من الألقاب، ولم تشفع للحارس الاحتياطي حسين شيعان (24 سنة)، بنيل فرصة المشاركة على الأقل في بعض البطولات رغم مطالبات كثيرين، بينما تؤمل الجماهير الشبابية على الشاب محمد العويس (22 سنة) لخطف موقع أساسي. سيطرة العنزي يعد النصر أكثر الأندية السعودية استقراراً في مركز حراسة المرمى بوجود عبدالله العنزي (23 سنة)، الذي يقدم مستويات كبيرة مع فريقه، وساهم في وصول فريقه إلى نهائي كأس ولي العهد الموسم الماضي، وكان له الدور الأكبر في بلوغ فريقه لركلات الترجيح فيها بعد أن تميز في التصدي لهجوم الهلال، وينسب العنزي تطوره إلى مدربه الحارس الكولومبي هيجيتا، فمنذ حضور الأخير لتدريب حراس النصر شهد مستوى العنزي تطوراً كبيراً أبعد معه خالد راضي وأسهم في انتقاله، بيد أن خشية الجماهير النصراوية تأتي من عدم توفر البديل المناسب وفقدان التنافس المؤثر على مستوى العنزي. سباق صاعدين من الأمور الغريبة توجه العروبة والنهضة الصاعدين حديثاً إلى دوري عبداللطيف جميل، نحو التعاقد مع حراس مرمى تخطت أعمارهم ال35 سنة وليس لهم منجزات على المستوى الشخصي بدليل تنقلهم المستمر من فريق إلى آخر، فالعروبة رغم تميز حارسه الشاب رافع الرويلي (23 سنة)، فاجأ الجميع بتعاقده مع عبده بسيسي (36 سنة)، ما أثار علامات استفهام كبيرة، ومن جانبه أعلن النهضة عن تعاقده مع تيسير آل انتيف (39 سنة) لينضم إلى فيصل الخالدي (32 سنة). ثنائي الفيصلي وضع تخلص إدارة الفيصلي، من حارسه السابق تيسير آل انتيف، والتعاقد مع بديلين له جميعهم تتخطى أعمارهم ال30 عاماً وهم: خالد راضي (32 سنة) المبعد من النصر، ومنصور النجعي (35 سنة)، أكثر من تساؤل فيما يتعلق بسياسة الاستقطابات التي تتبعها أكثر أندية الدوري، وأثبت تعاقد الفيصلي أن سياسة تلك الأندية وقتية ولا تفكر في المستقبل. الدبيخي: الحل "أجنبي" بدوره، أكد المحلل الرياضي حمد الدبيخي، أن التراجع الفني يشمل جميع الخطوط، بيد أن مركز حراسة المرمى هو الأكثر تأثراً، مطالباً بضرورة إعادة فكرة التعاقد مع حارس أجنبي للأندية التي تعاني من عدم وجود حراس مميزين، مستبعداً أن يسهم ذلك في مضاعفة المشكلة، كونها موجودة أصلاً، موضحاً "من يعارض تلك الفكرة عليه أن يقيسها على مراكز أخرى تشهد غياب اللاعب السعودي المميز، مثل الأظهرة، وبالتالي يتوجب عدم التعاقد مع لاعبين أجانب في تلك المراكز". واستند في تأييده لفتح باب التعاقد مع حراس أجانب بأن "وجودهم سيمنح فرصة لنظرائهم السعوديين برؤية نموذج مميز معه في التدريبات يسهل عليه الاستفادة عن قرب فيما يتعلق بأساسيات هذا المركز، كالتمركز والتوقيت، صحيح أنه يرى نماذج كثيرة في المباريات، ولكنها تختلف عن التدريبات"، مؤكداً أن بعض الأندية تعاني من عدم وجود الحارس المنافس ما يسهم في تراجع مستوى الأساسي، أو حتى عدم توفر مدرب حراس يملك الكفاءة ما يساعد أيضاً في هبوط مستوى الحارس، وقال "لو استشهدنا بوليد عبدالله، بحكم أنه الحارس الأول للمنتخب، سنجد تراجعاً واضحاً في مستواه ولم يعد كما كان عليه قبل موسمين"، مضيفاً "يجب أن تنتج الأندية حراساً مميزين بالتعاقد مع مدربين مميزين يسهمون في تطوير أدائهم ، سواء في الفريق الأول أو بقية الفئات السنية للحد من هذه الظاهرة". وكشف الدبيخي أن الأندية تخشى من إيجاد الحارس المنافس للأساسي خوفاً من التغيير فقط و"هذا عامل سلبي، ويجب أن يحدث ذلك حتى يكون هناك تنافس بينهما يرفع من مستواهما"، مستدركاً أن التجربة التي طبقها المدرب البلجيكي جيرتس، مع الهلال أو التشيكي ياروليم، مع الأهلي بتغيير الحراس "لا يعني بالضرورة أنها لإيجاد المنافسة بل لعدم قناعتهما في استمرارية الحارس"، مختتماً بتنقلات آل انتيف بين الاتفاق والأهلي والاتحاد والفيصلي وأخيراً النهضة، وموجهاً تساؤلاً عريضاً لتلك الأندية "أين حراسكم حتى تستقطبوا تيسير آل انتيف؟".