تعتبر شخصية "بو طبيلة" من أهم الشخصيات في أيام شهر رمضان المبارك من كل عام في الأحياء والحارات الشعبية القديمة بمدن وقرى الأحساء، والجميع في هذه الأحياء ينتظرون قدوم هذه الشخصية مع أول أيام هذا الشهر الفضيل. واستمرت هذه الشخصية صامدة في هذه الأحياء، ولم تتأثر بالوسائل العصرية التي تساعد الإنسان على الاستيقاظ دون الحاجة إلى تذكير، ولاسيما أن معظم سكان بيوت هذه الأحياء من فئة كبار السن الذين ينامون في أول الليل ويتطلب الأمر استيقاظهم عند حلول وقت السحور من خلال هذه الأهزوجة الشعبية الموحدة في أحياء مدينة الهفوف "اقعد اقعد يا نايم..اقعد اقعد تسحر..لا إله إلا الله محمد رسول الله.. اقعد اقعد يا نايم.. واذكر ربك الدايم..اصحا يا نايم..اصحا يا نايم.. قوم وحد الدايم.. سحور يا عباد الله.."، وهي أهزوجة متداولة بين العاملين في هذه المهنة وكذلك الأطفال الذين يسيرون خلف "بو طبيلة". وهذه المهنة من المهن التي لم يتخلَ عنها أبناء الأحساء، وبقيت متوارثة عبر الأجيال، مع حرص أصحاب المنازل على وصول "أبو طبيلة" إلى أمام منازلهم كل ليلة، ومعه يخرج الكبار والصغار من منازلهم بعد سماعهم قرع الطبلة، والفرحة والابتسامة مرسومة على وجوههم. وأشار الشاب جابر الخطام "بو طبيلة" إلى أنه يمارس هذه المهنة منذ 10 سنوات في وسط أحياء مدينة الهفوف، وأن ما يشجعه على الاستمرار في هذه المهنة التي لا تتجاوز مدتها 30 ليلة، هو العلاقة الطيبة والمتينة مع أهالي هذه الحارات التي يطوف فيها منذ أول دخوله في هذا النشاط، مبيناً أن متوسط إيراداته من الإكراميات والعيديات ومشاركته في بعض الاحتفاليات والمهرجانات التراثية والشعبية في ليالي رمضان يتجاوز ال 7 آلاف ريال، ويحرص على اقتناء طبل "جديد" في كل رمضان، إذ إن فترة التوقف التي تمتد ال 11 شهراً تتلف الجلد في "الطبل". وأكد جابر الخلف "بو طبيلة" أن هناك تنافسا شريفا ومحموما بين العاملين في هذه المهنة، وهناك تفاهم كبير فيما بينهم في تقسيم خريطة مسار كل واحد منهم، وتتحدد معالم تلك الخريطة في الأيام الأولى من الشهر الفضيل، مضيفاً أن جميع العاملين فيها سعوديون، مبيناً أنه قبل أكثر من 10 سنوات كانت مقتصرة على كبار السن فقط ممن تجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً، إلا أنه في الوقت الحالي، نشاهد كثيرا من الشبان في العقدين الثاني والثالث يزاولون هذه المهنة، باعتبار أن رمضان إجازة صيفية للطلاب، فبعض الطلاب يزاولونها لشغل أوقات فراغهم، موضحاً أن بعض الممتهنين "بو طبيلة" يفضلون السير بمفردهم، وهناك من يزاولون هذه المهنة كمجموعات بواقع اثنين أو ثلاثة في كل مجموعة، وتبدأ خطة سيرهم من الساعة الحادية عشرة ليلاً حتى الساعة الثانية والنصف فجراً، لافتاً إلى أنه بمجرد دخول "بو طبيلة" الحارة، تدب الحركة بشكل كبير في الحارة ويخرج الأطفال من منازلهم.. البعض منهم يمشون خلفه مرددين الأهزوجة حتى نهاية الحارة والبعض الآخر منهم يبقون واقفين أمام منزلهم. يذكر أن تسمية "بو طبيلة" هي تصغير كلمة طبلة، وهي الأكثر شيوعاً في دول الخليج العربي بين مرادفاتها الأخرى، وكان لكل حي في السابق أبو طبيلة خاص به، فلذلك هناك العشرات من الممتهنين لهذه المهنة، بل هناك أسر في الأحساء معروفة بهذه المهنة التي توارثوها أباً عن جد، ولا يزال صوتهم مسموعاً حتى الوقت الحالي.