يجوب الطرقات حاملا طبله إلى عنقه، و يغمس أنشودته الصغيرة في نكهة رمضانية بحتة: (اصح يا نايم، وحد الدايم)، تتبعها طرقات توقظ النائمين، و تنبه الغافلين، يسبر شوارع الدمام، بالخبر، وأحياء القطيف، كما يمرق على البيوت الأحسائية الهادئة ليتسحر قاطنوها، و في كل مكان يبقى المسحراتي بمختلف مسمياته هو ساعة الحي المتنقلة. مهنة رمضانية و تسترجع أم صالح، طفولتها: «كان وقتنا جميلا، و أيامنا حلوة، ننام عقب الأخير(أي العشاء)، و يقومنا (بو طبيلة)، يدق أبوابنا و (درايشنا) لين نقوم، و نتسحر، يردد جملته المعروفة:»لا إله إلا الله..محمد رسول الله،اصحى يا نايم..وحد ربك الدايم،و اشرب لك ماي القراح..قبل ما يجيك الصباح،قوم أتسحر المقسوم.. و اذكر ربك قبل النوم، صوم يا صايم الصوم..واعبد ربك دايم الدوم، لا إله إلا الله ..محمد رسول الله)، ويعينه عمدة الحارة بمعرفته، حيث يكون غالبا من(هالضعوف) فنرحمه، كل يعطيه ( اللي يقدر عليه)، اللي الله منعم عليه (يلفز له فلوس)، أما اللي ما يقدر (عاد الشكوى لله، والجود من الماجود)، لو لقمة يذكرونه بها، وهو بعد (ما يقصر) معهم يتوصى فيهم، و(يلبد) عند بيوتهم، حتى يردوا عليه، أو يفتحوا سراجهم، فينتقل إلى غيرهم، ويكمل جولته اليومية. أما تهاني، فتبتسم، وهي تحكي ما يردده (عم بو طببلة) عند مروره قرب منزلهم القديم بحي الجلوية في الدمام: (ادعوا لنا بالخير يا صائمين). و لا ينسى أبو نواف كيف صام الناس مرة دون سحور لأن (بوطبيلة راحت عليه نومة). سهر و ضجيج تتحدث هيفاء إلى (الشرق) حول روتينها في الشهر الكريم، و توضح: لا نحتاج المسحراتي الآن لأننا في الأصل ننام بعد صلاة الفجر، و أضبط المنبه الذي يفزعني بصوته القاسي صباحا قبل أن (أشبع نوم) وأحيانا (نواصل)، ومع إعجابي بشخصية (بو طبيلة)، أوقظ أمي قبل الفجر لتناول التمر واللبن بعبارة مسحر رمضان: اصح يا نايم، وحد الدايم)، فتضحك عليّ، و (تقوم رايقة).