صدرت للكاتب خالد اليوسف في بيروت عن مؤسسة الانتشار العربي، رواية جديدة حملت عنوان "وحشة النهار" وهي العمل الثالث في مسيرته الروائية بعد "وديان الأبريزي" و"نساء البخور"، والعمل العاشر في أعماله الإبداعية المتمثلة في القصة القصيرة. جاءت الرواية في 160 صفحة، موزعة على 26 فصلا. وقال اليوسف إن للزمن النفسي فيها محورا رئيسا، ويدور الصراع مكانيا وحركيا وحواريا في زمن يتمدد طولا وعرضا وعمقا إنسانيا بصورة جلية. موضحا أن الرواية تدور في مكان جغرافي متخيل بواقع مرئي جمالي، وزمن استذكاري استرجاعي لصدمات الواقع، ليهرب البطل برداء الزمن بين مواقع وأمكنة متعددة، يقول البطل في أحد الفصول: (قال لي أبي حينما علم بحكايتي مع بنت الصحراء: جئت إلى هذه المنطقة بعد حل وارتحال على امتداد طريق التابلاين، ورؤسائي الأجانب لا تصل إليهم شكوى بعطل معين في أنابيب البترول إلا تجد قرارهم جاهزا لإرسالي إليه لإصلاحه، مهما كانت المسافة بعيدة، لهذا تجدني كل يوم في بلد عامر أو في صحراء منقطعة، أو في محطة صغيرة، أو في (رأس تنورة) منبع هذا الأنبوب الطويل، إلى أن جاء قرار توسعة هذه المحطة، وأعلن عن وجود وظائف مستقرة، فكنت أول من انضم إليها، فمنحت سكنا داخل المجمع الجديد، وهو مختلط، بحسب النظام الأجنبي في كل شيء، إلا أن سكن العزاب بمعزل عن سكن المتزوجين، كنت أقضي معظم وقتي مع رفاق العمل خارج المجمع، ربما بسبب تعلقنا بحياة منطلقة لا حدود لها، فكانت الصحراء هي مقصدنا دائما، إلا أني بين وقت وآخر أذهب بمفردي بعيدا عنهم. ذات مرة كنت في رحلة من رحلاتي الكثيرة منفردا ومختليا بنفسي، ولي مكان أشعر فيه بالاسترخاء والاطمئنان حينما أمكث فيه وقتا أطول؛ فمر بي قطيع من الماشية المتنوعة الأعمار والأشكال، تقودها فتاة متلفعة بعباءة وبرقع، وحينما نهضت من مكاني باتجاهها جفلت وخافت مني، إلا أني طمأنتها وأخبرتها بحسن نيتي، وأريد شراء شاة مع صغارها فوافقت، ثم بدأت تبحث بين القطيع حتى أخرجت لي شاة ومعها أبناؤها الثلاثة، كنت وقتئذ أدقق النظر إليها، فأعجبت بها، وبدأ لي أن اللهجة التي أسمعها منها تدل على أنها عراقية اللسان وهذه تعجبني. بعدما منحتها المبلغ يدا بيد، طلبت منها وصف مكان أهلها فوصفته لي بعد إجابتي عن سؤالها: ماذا وراء طلبي معرفة مكانهم؟).