كشف وزير السياحة المصري هشام زعزوع أن بلاده وضعت "قيودا صارمة" على الإيرانيين القادمين للسياحة فيها، مؤكدا "أننا لا نقبل أن تستغل السياحة في السياسة أو نشر المذاهب، فهذا خط أحمر ولو رصدنا من يحاول استغلال السياحة لنشر مذهب معين فسنوقفه". وقال زعزوع في حوار أجرته معه "الوطن": نؤكد للمملكة أنه لو حدث في علاقتنا بإيران انحراف ولو بدرجة مليمتر واحد، فسنتراجع عنها تماما، ولا يمكن أن نبني علاقة على حساب علاقتنا بالمملكة، فأنتم أهلنا وبعدنا الاستراتيجي. وفيما أشار زعزوع إلى "محاولة بعض متشددي التيارات الإسلامية تشويه انفتاح مصر سياحيا على كل دول العالم"، لفت إلى ارتفاع عدد السياح السعوديين بعد الثورة ليصل إلى 240 ألفا. كشف وزير السياحة المصري هشام زعزوع عن محاولة بعض متشددي التيارات الإسلامية تشويه انفتاح مصر سياحيا على كل دول العالم، قائلا: إن هناك تصريحات غير مسؤولة صدرت من تيارات إسلامية متشددة، اختزلت السياحة بمصر في النوادي الليلية، وتجاهلت المدى الأرحب من ذلك، والمتمثل في كل ما تمتلكه مصر من آثار وتاريخ وشواطئ ومعالم تجذب الزائرين والسياح. وأكد زعزوع في حوار أجرته معه "الوطن" بجدة، أنه كممثل لوزارة السياحة المصرية تبنى عقد حوارات مستمرة مع مختلف التيارات، ومنهم السلفيون والإخوان وغيرهم، نتج عنها تفاهمات واقعية حول خطط وزارة السياحة والحكومة، وانحسار كبير لبعض التصريحات التي كانت تشوه السياحة بمصر، مشيرا إلى أن "الإخوان المسلمون" يدعمون كل ملفات السياحة دعما كاملا، وأن الرئيس محمد مرسي أعلن من خلال زياراته الخارجية دعمه الكامل للسياحة. وتطرق الوزير المصري إلى النجاحات التي حققتها وزارة السياحة في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، والأسباب التي أدت إلى ما وصفه ب"الانخفاض الحاد" في أعداد السياح بعد ثورة 25 يناير، وطبيعة العلاقات المصرية الإيرانية الحالية، والمشكلات التي واجهت المستثمرين السعوديين في قطاع السياحة بمصر. فإلى نص الحوار: مصر من الدول العربية التي تشهد حركة سياحية ضخمة، وتتطلب إدارة هذه الحركة فكرا منفتحا وخبيرا بكل ملفاتها، ما مؤهلاتكم التي ستمكنكم من إدارة هذا القطاع الهام؟ - إلمامي بتفاصيل ملف السياحة في مصر كافة، ومشاركتي فيه منذ 30 عاما، إضافة إلى ثقتي في فريق العمل الذي يعمل معي، وإيماني بأن الشعب المصري شعب مضياف يقبل الزائر ويرحب به، يجعلني كلي ثقة في إعادة السياحة بمصر لسابق عهدها، فأنا عملت في هذا القطاع منذ أواخر السبعينات كمستثمر في السياحة بين مصر وأميركا، ثم تقلدت منصب مدير الاتحاد المصري للغرف السياحية، ثم معاونا لوزير السياحة، فنائبا للوزير، وانتهاء بتعييني وزيرا في عام 2011. تقلبات بحكم هذه الخبرة، كيف تنظرون للسياحة وتحولاتها منذ عهد مبارك، وأثناء الثورة، وصولا إلى اليوم؟ - لا يمكن إنكار النجاحات التي تحققت للسياحة المصرية في ال20 سنة الماضية، خاصة السنوات العشر الأخيرة، التي تضاعفت فيها أرقام وإحصاءات السياح بمصر 3 مرات، ففي بداية عام 2000 كان عدد السياح لا يتجاوز 3 ملايين سائح تحت تأثيرات أحداث 11 سبتمبر، ليترتفع العدد في 2010 إلى 15 مليونا. ولكن بعد ثورة 25 يناير هبطت هذه الأرقام 32%، وانخفض عدد السياح إلى 9 ملايين، تبعه انخفاض الإيرادات السياحية إلى 9 مليارات دولار، ولكن عام 2011 انتهى باستعادة جزء من مكانة السياحة في مصر عبر خطط عاجلة تبنتها الوزارة ليبلغ عدد السياح في أواخر ذلك العام 11 مليونا، ضخوا نحو 10 مليارات دولار في خزينة الدولة، تلاها ارتفاع في عدد السياح ونسبة الإيرادات بواقع 14% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، وهو ما يشير إلى أن الوضع حاليا مطمئن، ومصر تتعافى عبر خطط ترويجية مكثفة. رسالة للسعوديين هل تعترفون باستمرار تدني تدفق السياح إلى مصر، وماذا أعدتتم لمواجهة هذا التدني؟ - نعم، نعترف بتدني أرقام السياحة في مصر، وهي مرتبطة بظروف مرحلة انتقالية، ولكنها بدأت تتعافى، فالسياح العرب يمثلون 20% من السياح بمصر، والسعوديون يمثلون أعلى نسبة في هذا الرقم، ففي عام 2010 استقبلنا من السعودية 375 ألف سائح، وانخفض عددهم في 2011 إلى 198 ألفا، وهو انخفاض حاد جدا، لكننا تمكننا من استعادة الحركة بنهاية العام نفسه ليرتفع عدد السعوديين القادمين إلى مصر إلى 240 ألف سائح. أما عن طرق مواجهة هذا الانخفاض، فأنا موجود هنا في المملكة، بهدف إرسال رسالة لكل السعوديين لزيارة مصر، وللأسف فإن وسائل إعلام مصرية، صورت للمتلقي في المملكة أن مصر غير مطمئنة، وغير آمنة، وهو ما أثر على حركتنا السياحية، ولكن أؤكد من جديد أن الحكومة الحالية تولي السياحة اهتماما خاصا، وتعمل على ضمان سلامة وأمن السائح، فالشارع المصري يرحب بالسائح، وما يحدث على الساحة حاليا لا يتعلق بالزائر، هو شأن طبيعي داخلي بحت. السياحة أرحب هناك مطالبات لبعض التيارات، بل من أشخاص محسوبين على حركة الإخوان، تنادي بتقنين السياحة وضبطها من خلال الاحتساب ورقابة الشواطئ، وبعض المواقع السياحية؟ - للأسف الشديد، خرجت تصريحات غير مسؤولة من تيارات إسلامية متشددة وغيرها، أوجزت السياحة في النوادي الليلية، والعكس أن السياحة أرحب من ذلك بكثير، فتاريخ مصر وآثارها وشواطئها ومعالمها هي مواقع جذب للسياح، وهي رسالة أرسلناها للسياح، مفادها "أن مصر تستقبلكم بنفس الأسلوب، وكما عرفتموها وتعودتم عليها، فلا يوجد أي تغيير إطلاقا في هذا الخصوص". كما تمت حوارات بين وزارة السياحة ومختلف التيارات ومنهم السلفيون والإخوان وغيرهم، نتج عنها تفهم شديد لخطط الوزارة والحكومة، مما أدى إلى انحسار مثل هذه الأفكار والتصريحات، فالإخوان المسلمون يدعمون السياحة دعما كاملا، ولا يوجد أي توجه لإغلاق أي مواقع سياحية عامة أو خاصة، بل سنستثمر في محاور السياحة كافة؛ لأن 80% من سياح مصر أجانب، وتعودوا على مصر بشكل معين، فلا قيود عليهم في الشواطئ التي هي أساسا أماكن خاصة للسياحة بفنادقها وملاحقها. وفي المقابل، ونتيجة لتوجهات إسلامية، لدينا طلبات لأشخاص تقدموا للاستثمار في فنادق خاصة توجه خدماتها التسويقية والسياحية إلى السوق الإسلامي والعربي، ولا نمانع في ذلك؛ لأنه يوجد لدينا هذا، ويوجد أيضا ذاك، فمصر لا توجه جديدا فيها، بل هي إلى المزيد من الانفتاح. أموال السعوديين ما آخر مستجدات الحجز على أموال رجال أعمال سعوديين مستثمرين في قطاع السياحة، وتعرضهم لمشكلات مع الحكومة الجديدة؟ - نحن نأسف لما حدث، وقد التقيت أخيرا في في دبي مع رموز الاستثمار السياحي السعوديين، وعلى رأسهم عبدالرحمن الشربتلي، واستمعت لهم ممثلا للحكومة المصرية، وأكدت لهم أن كل مشاكلهم في طريقها للحل الكامل في غضون أيام، وسننفذ جولة في الخليج للترويج للاستثمار السياحي بمصر، وسنروج حتى الحلول التي قدمناها للمستثمرين، لنضعهم في مأمن، ونكرر الاعتذار عن المشكلات التي حدثت لهم بسبب ظروف المرحلة الانتقالية. وبهذه المناسبة، فإنني أقول لكل السعوديين: إن مصر بلدكم الثاني، وفي حاجتكم، وأنتم إحدى وسائل دعمها لمواجهة ما تمر به من ظروف اقتصادية، فقط قوموا بزيارة مصر، ونحن نضمن أمنكم وسلامتكم. علاقة استراتيجية بصفتكم عضوا في الحكومة المصرية، ألا ترون أن توجهكم الجديد نحو إيران قد يفقدكم أصدقاءكم في الخليج؟ - لا يمكن أن نقبل فقد أشقائنا في الممكة والخليج بأي ثمن أو على حساب أي علاقة سواء مع إيران أو مع غيرها، وهذه قاعدة لدينا لا بديل لها، ولا نحيد عنها، فالمملكة والخليج امتداد مصر الطبيعي والعربي، وعلاقاتنا معهم استراتيجية أزلية لا نقبل المساس بها، بل خط أحمر لا يمكن قبول تجاوزه بأي ثمن أو تحت أي ظرف. هل ناقشتم أو عقدتم أي علاقات سياحية مع إيران؟ تفاهماتنا وعلاقاتنا وتوجهاتنا تستهدف دعم السياحة، وفي المقابل، لدينا قيود شديدة على الإيرانيين القادمين لمصر للسياحة، ولا نقبل أن تستغل السياحة في السياسة أو نشر المذاهب، ولا نسمح لهم حتى بزيارة العتبات المقدسة أو مساجد أهل البيت كما يسمونها، ونعدّ ذلك خطا أحمر، ورسالتنا لهم، إذا قدمتم لزيارة مصر وآثارها كمقصد سياحي فأهلا وسهلا، أما غير ذلك فلا يمكن أن نقبله، ولو رصدنا من يحاول استغلال السياحة لنشر مذهب معين فسنوقف هذه السياحة. وهنا نؤكد للمملكة ملكا وحكومة وشعبا، أنه لو حدث في علاقتنا بإيران إنحراف ولو بدرجة 1 مليمتر، فإننا سنتراجع عن هذه العلاقة تماما، ولا يمكن أن نبني علاقة على حساب علاقتنا بالمملكة، فأنتم أهلنا وبعدنا الاستراتيجي.