يستشهد بعض الرجال الذين يطلقون نظرهم لرؤية نساء لا يحق لهم رؤيتهن، وبمدلول خاطئ وغير متطابق مع الأصل الشرعي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عن "النظرة الأولى"، في حين هناك آخرون يكتفون عند احتدام نقاش ما مع امرأة من قريباته سواء كانت زوجة أو أختا أو ابنة بذكر حديث "ناقصات عقل ودين"، معتقدين أن الحديثين قيلا لتحقير المرأة وإذلالها، أو أنها تضع الرجل في مرتبة أعلى وأجل من مرتبة المرأة. وقد اصبح استشهاد الرجال بهذين الحديثين، وبخاصة مع عدم فهم حقيقة جوهرهما، بمثابة شماعة للكثير من الممارسات الخاطئة التي يرتكبونها بحق نسائهم، وحتى دون أن يشعر أي منهم بتأنيب ضمير. وهو ما أدى بالكثير من النساء إلى الشعور بالظلم والضيق والأذى النفسي والقهر، وهن واقفات مكتوفات الأيدي، أمام ممارسات البعض من الأزواج والأشقاء أو الآباء، دون حول أو قوة، فالبعض من الرجال وبسبب هذه الأحاديث يزج بنسائه بنفق مظلم من الممارسات غير الإنسانية التي تنطوي على الكثير من الظلم والعنف النفسي واللفظي وفي بعض الحالات عنف من النوع الجسدي كالضرب والاعتداء. تقول فاتن علي عسيري وهي متزوجة أن زوجها من باب المزح أحيانا يقول إن من حقه النظر للنساء في التلفاز والنظر إلى الفنانات والمذيعات وحتى في الشارع حين مرور امرأة بسبب حديث "النظرة الأولى". مضيفة "يشعرني هذا الرد بالغضب لعدم قدرتي على شرح الحديث بطريقة توصل له المراد الحقيقي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم". ولفتت سميرة عسيري إلى أن الرجال بشكل عام من إخوانها وزوجها ووالدها دوما يعايرونها وأخواتها الفتيات حين نخفق في الدراسة أو يتفوق علينا إخواننا الذكور في أمر ما بأننا "ناقصات عقل ودين" وفقا لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم. ورأت أثير الشهري أن السبب هو عدم إدراك الكثيرين للمعنى الحقيقي من هذين الحديثين، حيث يتذرع بها الرجل لصالحه وتقف المرأة دون أن تجيد الرد بسبب عدم فهمها للمعنى الحقيقي والحدث الذي قيلت فيه هذه الأحاديث. وبين خالد الأسمري وهو شاب غير متزوج أنه يرفض أن يتخذ البعض من الرجال أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ذريعة يذل بها المرأة ويقف ضدها، وبغض النظر عن فهم المعنى الحقيقي للحديث من عدمه فإن المرأة لها ما يجعلها تتفوق على بعض الرجال في الكثير من الأمور الدينية والدنيوية ، فيما عارضه محمد حامد في ذلك قائلا إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا الحديث إلا كدليل قاطع على أن الرجل أفضل من المرأة وأكمل شخصية ودينا وعقلا منها. ومن جانبه، شدد المستشار القضائي بوزارة العدل السعودية الشيخ الدكتور عبدالمحسن العبيكان في تصريح إلى "الوطن"، على عدم جواز استغلال بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، من قبل البعض لصالح الأغراض الشخصية. وقال إنه يدخل ضمن ذلك استغلال حديثي "النظرة الأولى" وحديث ناقصات عقل ودين لكي تذل به المرأة أو يتعالى عليها الرجل كونه أفضل منها بحسب اعتقاده. ولفت الشيخ العبيكان إلى أن الرجل يأثم حين يستغل هذه الأحاديث لأغراضه الشخصية أو لإذلال المرأة وتبيان أفضليته عليها. وبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن نظر الفجاءة فقال "إن لك لأولى" أي نظرة الفجأة التي تكون بغير قصد فلا يأثم الرجل عليها، بينما النظر المتعمد الذي يطلقه صاحبه عن قصد هذا لا يدخل ضمن النظرة الأولى وهي نظرة الفجاءة. وبين الشيخ العبيكان أن البعض يعتقد كذلك في حديث "النساء ناقصات عقل ودين" أن المرأة ناقصة عقل أي غير مكتملة النضوج أو بها شيء من العته أو الجنون وهذا غير صحيح، معتبراً أن هذا يكشف عن قصور لدى بعض الرجال في فهم المقصد الشرعي من وراء هذين الحديثين. وأكد الشيخ العبيكان على أن ما رمى إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من وراء ذلك هو القصد بأن نقص العقل هاهنا هو عدم القدرة على الحفظ مثلا كالرجل، ولذلك قال الله في الآيه "فتذكر إحداهما الأخرى"، وذلك في الشهادة حيث إن شهادة المرأتين تعادل شهادة الرجل الواحد. وذكر السبب وهو أن تضل إحداهما فتذكرها الأخرى بالشهادة، كما يقصد بنقص دين المرأة عدم صلاتها وصيامها أثناء الحيض.