بدأت يوم أمس أولى فعاليات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن تحت شعار "بالحوار نصنع المستقبل" بجلسة افتتاحية حضرها الرئيس عبد ربه منصور هادي، والأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة وموفده إلى اليمن جمال بن عمر، وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، ورؤساء وأعضاء بعثات السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمدون بصنعاء، كما حضرها عددٌ من مكوِّنات الحراك الجنوبي فيما غاب بعضها، خاصة المطالبة بالانفصال عن دولة الوحدة واستعادة دولة الجنوب. وتغيب عن جلسة الافتتاح رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة لأسباب قيل إنها جاءت اعتراضاً على قائمة الرئيس هادي المشاركين التي تضمنت أسماء عدد من المتهمين بقتل شباب الثورة، كما غاب عن الحضور عدد من السياسيين والشخصيات القبلية، من أبرزهم الشيخ حميد الأحمر، وممثل جماعة الحوثيين صالح هبرة الذي تم تعيينه عضواً في هيئة رئاسة المؤتمر. وأكد هادي في كلمته أن طموح اليمنيين هو تحقيق ما فشلت فيه الأنظمة السياسية التي أعقبت قيام الثورتين في الشمال والجنوب قبل 50 عاماً، والمتمثل في دولة يمنية حديثة ومعاصرة، مشيراً إلى أن الحوار يتطلَّب تقديم تنازلات من قبل كافة الأطراف حتى وإن كانت تبدو مؤلمة اليوم، لكنها ستكون مفيدة للأجيال القادمة. ووصف يوم 18 مارس 2011 الذي شهد مجزرة "جمعة الكرامة" التي سقط فيها أكثر من 50 من شباب الثورة بأنه "علامة فارقة في تاريخ اليمن"، وقال "تشاء الأقدار أن ينعقد الحوار في 18 مارس الذي كان قبل عامين يوماً فارقاً في تاريخ اليمن باستشهاد كوكبة من الشباب الطاهر، ذلك الحدث الذي زلزل ضمائر اليمنيين جميعاً والعالم، وكان أول يوم حاسم في تحريك عجلة التغيير". وأشار إلى أن مؤتمر الحوار ليس أمامه غير النجاح فقط، داعياً المشاركين إلى "مغادرة الماضي بكل تفاصيله والخروج من خنادق العصبيات الصغيرة، وفتح صفحة جديدة وترك مكائد السياسة"، وشدَّد على أن اليمن بعد الحوار لن تعود كما كانت قبله، فإما أن يمضي الشعب نحو فجرٍ جديد ومستقبلٍ مشرق أو العودة إلى الماضي، لكنه قال إن عجلة التغيير لا بد أن تمضي إلى الأمام. وجدَّد هادي التأكيد على أهمية القضية الجنوبية، معتبراً حلها مفتاحاً لحل كل القضايا، وقال "يجب الوقوف أمام القضية الجنوبية بمسؤولية وإحساس عميق، بعيداً عن العواطف والطبخات الجاهزة، مؤكداً أن "التوافق على رؤية عقلانية حول القضية الجنوبية سيقودنا إلى عقد صياغة دستور جديد وعهد جديد لمعالجة كل الاختلالات"، كما عارض أي حسم بالقوة "لأن ذلك سيقود البلاد إلى الكارثة، فنحن شعبٌ واحد تجمعنا من القواسم المشتركة أكثر مما تفرقنا، لم نلج بعد إلى حياة الرفاهية والرخاء، ولا يزال ثالوث الشر ؛الجهل والفقر والمرض يفترسنا بعد 50 عاماً من الثورة التي جاءت لتقضي عليه دون جدوى". وبدوره ألقى ممثِّل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر كلمة شدَّد فيها على أن أمام اليمنيين فرصة حقيقية لمعالجة خلافاتهم عبر الحوار، معتبراً أن اليمن يعدّ الحالة الوحيدة من بين دول الربيع العربي التي انتقلت فيها السلطة بشكلٍ سلمي، مطالباً بحل القضية الجنوبية "حيث توجد مظالم مشروعة يجب معالجتها". وأضاف "ليست لدينا وصفات جاهزة لحل القضايا التي ستناقش في المؤتمر ونراهن على قدراتكم في معالجة الأزمات". وبدوره جدد أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني وقوف شعوب وقادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب اليمن في أزمته الحالية، وراهن على عقول اليمنيين في معالجة الأوضاع التي تعيشها بلادهم.