احتضنت صنعاء أمس أول اجتماع أممي يعقد على أراضيها عندما التأم أعضاء مجلس الأمن لمناقشة الأوضاع الراهنة التي تعيشها اليمن والمخاطر التي تواجه العملية الانتقالية منذ التوقيع على المبادرة الخليجية في نوفمبر قبل الماضي، والتي أفضت إلى تسليم الرئيس السابق علي عبدالله صالح السلطة إلى الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي. وعقدت اللقاءات في دار الرئاسة وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث نشرت قوات الأمن المئات من الجنود والعربات المصفحة وأغلقت الطرقات المؤدية لمجمع الرئاسة، فيما نقل أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر من مطار صنعاء الدولي إلى المجمع بواسطة المروحيات التي وفرتها القوات الفرنسية العاملة في جيبوتي. وعقد أعضاء مجلس الأمن اجتماعاً مغلقاً مع الرئيس هادي قبل أن يتم عقد لقاء مفتوح حضره عدد من كبار مسؤولي الدولة وأعضاء اللجنة العسكرية واللجنة الفنية للحوار، حيث طالب هادي بأهمية استمرار دول مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة ومجلس الأمن في رعاية المرحلة الثانية من التسوية والتأكيد على التمسك بأمن واستقرار ووحدة اليمن وفقا لبنود المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن 2014 و2015، ورفض العنف لتحقيق أهداف سياسية واعتبار الحوار هو المنبر الوحيد لمعالجة كافة القضايا والمظالم والاختلالات، واعتبار الأطراف التي ترفض نهج الحوار معرقلة للتسوية السياسية. وشدد هادي على أهمية وفاء المانحين بتعهداتهم باعتبار أن جذور المشكلة في اليمن ذات طبيعة اقتصادية ما يجعل استكمال التسوية السياسية مرتبطا بشكل قوي بتحقيق النمو الاقتصادي، الذي يوفر الدعم المادي اللازم لتمكين حكومة الوفاق الوطني من إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من الإرهاب والحروب، وكذلك التعويضات اللازمة المرتبطة بالقرارات التي صدرت لمعالجة الأوضاع في المحافظات الجنوبية من البلاد. وتخلل الاجتماع المغلق الذي عقد بحضور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج الدكتور عبداللطيف الزياني ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر، مداولات حول صعوبات تنفيذ المرحلة الانتقالية الثانية. وكان مندوب بريطانيا الذي ترأس دولته الدورة الحالية لمجلس الأمن أشار في كلمة له إلى أن زيارة أعضاء المجلس لليمن تأتي لإثبات التزام مجلس الأمن تجاه الانتقال السياسي فيه، مؤكدا أن الحوار الوطني جزء أساس من عملية الانتقال السياسي، مشددا على أن مجلس الأمن لن يتساهل مع أية محاولة لعرقلة عملية التسوية. من جانبه جدد الزياني موقف دول الخليج الداعم للعملية السياسية باليمن، مؤكدا التزام دول مجلس التعاون بدعم اليمن وتطلعات شعبه ودعم المساعي التي يقوم بها الرئيس هادي لعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي يمثل الحل لمشكلات اليمن الراهنة. كما قال ابن عمر إن زيارة الوفد الأممية "التاريخية وغير المسبوقة في المنطقة ما هي إلا لتأكيد الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي لليمن في عملية الانتقال السياسي، وللتأكيد على ضرورة المضي قدما في العملية السياسية". وتزامنا مع الزيارة، نظم أنصار الحراك الجنوبي في عدن، كبرى مدن الجنوب، تظاهرات أمس للتأكيد على مطلب الانفصال عن الشمال ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مطالب الحراك. كما تظاهر عشرات الآلاف في صنعاء أمس بدعوة من ائتلاف "شباب الثورة" للمطالبة برفع الحصانة عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومحاكمته وتجميد أرصدته. وسار المتظاهرون في شارع الزبيري الذي يقسم العاصمة اليمنية إلى قسمين شمالي وجنوبي، ورفعوا شعارات طالبت خصوصا برفع الحصانة وب"استعادة الأموال المنهوبة" من صالح وعائلته.