"ليس أمامك إن أردت أن تنجز معاملتك وأنت مرتاح البال إلا تسليمها لمعقب، وإلا ستستغرق منك وقتا طويلا"، بهذه العبارة واجه أحد الموظفين في إحدى الإدارات الحكومية عبدالرحمن العتيبي الذي أخذ يتردد على الإدارة لمدة أسبوع كامل لإنجاز معاملة تخص عمالته المنزلية لكنه لم يتمكن، وعندما أخذ بنصيحة الموظف، وسلم الأوراق لمعقب، أنجزها خلال 24 ساعة. وبحسب مواطنين فإنهم يلجؤون بصفة دائمة إلى المعقب، لكونه يستطيع أن يتغلغل داخل الإدارات الحكومية، وينهي المعاملات في وقت قياسي معتمدا على معرفته بالإجراءات، وعلاقاته بالعاملين في الإدارات المختلفة، والتي بناها من خلال مراجعته اليومية لهم. "الوطن" حاولت سبر أغوار مهنة المعقبين، للتعرف على طبيعتها، يقول المعقب سلطان الحارثي الذي يعقب على المعاملات سواء للسيدات أو الرجال، ويتابع المعاملات في كل الوزرات والإدارات الحكومية، "المعقب وكيل موقت للمراجع، والتعقيب عملية شاقة، بالمقارنة مع المبلغ الذي يحصل عليه مقابل المعاملة"، مشيرا إلى أن الأجر المادي يحدد حسب المعاملة والجهة الموجودة بها. وأضاف أن "إنجاز المعاملة يكون أمرا ميسرا إذا كان المعقب قد عمل سابقا بهذه الإدارة أو الوزارة، كونه يعرف الإجراءات جيدا، مشيرا إلى أن المعاملة التي يتابعتها تنجز في وقت قياسي، وأن الكثير من القضايا التي تأخذ وقتا طويلا في مكاتب المحامين لا تستغرق وقتا لديه. وأشار الحارثي إلى أن "المعاملات التي يتم التعقيب عليها متنوعة بتنوع الإدارات والوزارات، والمعقب لابد أن يكون ذا دراية بالنفوس والسلوكيات التي يتعامل معها في كل إدارة ووزارة". ويقول المحامي والمستشار القانوني بندر البشر أن "الذين يتجاوزون مهمتهم في تعقب المعاملات ومتابعتها بحيث يدخلون في اختصاص غيرهم، ويقومون بأعمال محاماة بحتة كتقديم الاستشارات القانونية، أو الترافع والمدافعة في المحاكم، والهيئات القضائية والعدلية، يدخلون تحت طائلة القانون، حيث يعد ذلك افتئاتا على المؤهلين بهذه المهنة، ومخالفة لنظام المحاماة الذي يوقع عقوبة السجن لمدة عام على منتحل صفة المحامي، كما يعد غشا يوجب التعويض لكل متضرر جراء تدليسه". وأشار إلى أن "بعض المعقبين يكون قد عمل في الإدارة التي يعقب بها، وبعضهم لديه أقارب أو أصدقاء في الإدارة ذاتها، وهؤلاء يعتمدون على علاقاتهم المباشرة مع موظفي الإدارة لإنجاز ما يوكل إليهم من أعمال، ولكن تظل هذه الفئة قليلة؛ لأن أغلب المعقبين لا يمتلكون مثل هذه العلاقات، وينجزون أعمالهم بكفاءة، وقد تنشأ علاقات بينهم وبين الموظفين لاحقا إثر الاحتكاك اليومي بهم". وأوضح البشر أن مهنة التعقيب بدأت في الانحسار، خاصة مع بدء تطبيق التعاملات الإلكترونية. التي لا تحتاج لعنصر بشري. وبين البشر أن دور المعقب الرئيسي هو متابعة المعاملة وتعقبها حتى يتم إنجازها، ولكن هناك من يتجاوز هذا الدور ليلعب دورا بين الموظف وصاحب المعاملة خاصة إذا غاب الزاجر الديني وتعقدت الأنظمة والإجراءات. وعن وجود المرأة في مهنة التعقيب قال "كل إدارة تختلف عن غيرها في تقبل المرأة كمعقب، إلا أن وجود القسم النسائي يسهل الإجراءات الخاصة بالمرأة مما ينتفي معه أهمية المعقبات"، مشيرا إلى أنه لا يوجد نظام يمنع المرأة من مزاولة هذا المجال والعمل. وقالت صاحبة أول مكتب للتعقيب النسائي بمكة المكرمة آمنة زواوي أن "التعقيب لديها يشمل فقط الجانب الخاص بالمرأة في القضايا المختلفة كالطلاق، والتأشيرات، والجوازات، والترحيل ونحو ذلك"، مضيفة أن التعامل الحسن مع الجهة التي تعقب فيها هي أبرز ما يميز أي معقب سواء أكان رجلا أم امرأة. وأضافت أنها من خلال مكتبها تقوم بالتعقيب بنفسها، وتجد الترحيب الكامل من جميع الإدارات، مشيرة إلى أن الصعوبة التي تواجهها حينما يكون التعقيب لدى جهة حكومية أو وزارة كادرها من النساء. ويقول المختص بعلم النفس بجامعة أم القرى الدكتور إلهامي عبدالعزيز إن "هناك ما يسمى في علم النفس التنظيمي والإداري تحليل العمل والفرد، وأي مهنة يكون لها مواصفات ترتبط بالأعمال اليومية والدورية والطارئة وأي عمل يحتاج إلى ما يتناسب مع هذه المتطلبات دون زيادة أو نقصان. وأضاف أن المعقب فرد يتسم بالنشاط الحركي، ولديه درجة من الذكاء الاجتماعي، ويستطيع كسب الأشخاص بصورة سريعة، مشيرا إلى أن كل عمل له سمات وقدرات معينة، وإذا تناسبت هذه القدرات مع المهام والمتطلبات الرئيسية والدورية كان النجاح.