جسّد الأسير الفلسطيني سامر العيساوي، ملحمة جديدة للنضال في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، عبر معركة "الأمعاء الفولاذية الخاوية"، وهي المعركة الأطول في تاريخ البشرية. وكسر العيساوي حاجز ال215 يوما من الإضراب عن الطعام. وأخذت حالة العيساوي أبعادا سياسية للضغط على الحكومة الإسرائيلية ضمن بيان صادر عن الجامعة العربية في القاهرة، أكد دعم الشعب الفلسطيني من جانب، ومواجهة ظلم تل أبيب وسياسيات الاستيطان من جانب آخر. وزارة الخارجية الفلسطينية من جهتها أدانت بشدة عدم الإفراج عن العيساوي والأسرى المضربين عن الطعام، وطالبت في بيان لها المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية كافة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإطلاق سراح الرجل على الفور، داعية للتحرك لحماية الأسرى وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة بصفتهم "أسرى حرب". وجاء الرد "الأممي" على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي أعلن الآخر عن "قلق شديد للتدهور السريع في وضع السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، المضربين عن الطعام". وأمضى العيساوي حتى اليوم 215 يوما مضربا عن الطعام، كعامل ضغط على سياسات تل أبيب، إلا أنه واجه رفض الاحتلال لإطلاق سراحه رغم مرضه. وغالبا ما تواجه سلطات السجون في الدولة التي يقبع فيها السجين المضرب عن الطعام، لطرق عدة لتغذيته خشية وفاته، ومن ضمن تلك الأساليب، ما يعرف ب"التغذية القسرية"، والتي تتركز على التغذية عبر أنبوب في الأنف تارة، أو الحقن المغذية في وريد السجين، وهو ذات الأسلوب الذي سلكته سلطات الاحتلال الصهيوني مع الأسير الفلسطيني العيساوي. ولا تغفل إسرائيل استخدام ملف "إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام" في سجونها، وتضعه كورقة ضغط ينعكس على مسار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، لتجسد بذلك أحد فصول الابتزاز السياسي المعهود عنها. ويعود ابتكار هذه الطريقة التي تُعرف لدى البعض ب"المقاومة السلمية" أو "الاحتجاج السياسي" أو "النضال اللا عنفي" لتغيير سياسية ما متبعة، لبعض المعتقلين الأيرلنديين ويمثلهم بوبي ساندز، الذي أمضى 66 يوما مُضربا عن الطعام في العام 1981 في سجن "ميز" شمال أيرلندا، وأصبح بعد وفاته رمزا للمناضلين من أجل الحرية والاستقلال، وبات مثالا يحتذى به بين الأسرى والمحتجزين آنذاك. يذكر أن السلطات القضائية في تلك أبيب، حكمت على العيساوي قبيل إتمام صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين الشهيرة بالجندي "جلعاد شاليط" في أكتوبر 2011، وأشعرت أطرافا مُهتمة بالأمر رغبتها بمواصلة تنفيذ الحكم الصادر بحق العيساوي، وهي الخطوة التي عدها البعض "انفتاحا إسرائيليا من جانب، وانغلاقا من جانب آخر".