بالرغم من استحواذ شركات قطاع التأمين المدرجة في سوق الأسهم على أغلب أموال المستثمرين وقيم التداولات في أغلب فترات العام، إلا أن خبراء شرعيين، انتقدوا سياسة معظم شركات التأمين التكافلي في استثمار أموال المشاركين في الصناديق التأمينية، لا سيما ما لا يتوافق منها مع أحكام الشريعة الإسلامية، مشيرين إلى أنها تستغل عدم وجود ضوابط محددة للتأمين التعاوني في المملكة، حيث لا تتعدى الأرباح المخصصة للمشاركين في صناديق التأمين 10%. وقال الخبراء الشرعيون الذين تحدثوا إلى "الوطن"، إن شركات التأمين لا تستثمر أموال المشاركين وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، إذ إنها تجاهلت مبدأ منح أصحاب رأس المال نسبة محددة من أرباح الاستثمار مقابل إدارتهم للشركة، واستفرد الملاك بالتصرف في أموال المشاركين في صناديق التأمين، في استثمارات وصفقات تجارية، تكون الأرباح المخصصة منها للمشاركين أقل من 10%، وهو ما انعكس سلباً على نشاط التأمين التعاوني وعلى أداء أسهم هذه الشركات في السوق، إذ لا تعكس الاستثمارات القيمة الحقيقية والعادلة لها في السوق. ويأتي ذلك في وقت بلغ فيه عدد شركات التأمين في السوق نحو 35 شركة منها 33 شركة مؤسسة ومدرجة في سوق الأسهم، وشركتان تم الترخيص لهما بالتأسيس، وهما بانتظار إدراجهما في سوق الأسهم، في حين بلغ عدد وسطاء التأمين 57 شركة. وفي الوقت الذي اعتبر فيه الخبير الشرعي والمهتم بالتكافل التعاوني يوسف العصيمي، أن نسبة مطابقة أعمال شركات التأمين لأحكام الشريعة الإسلامية لا تتجاوز 10%، مبيناً أن السبب في ذلك يتمثل في أن شركات التأمين لا تصرف للمشتركين سوى 10% من الأرباح كحد أقصى، بينما تبقى ال90% من الأرباح تجارية، فيما أرجع الخبير الاقتصادي ناصر الغامدي سبب هذا السلوك من قبل شركات التأمين، إلى عدم استيفاء اللائحة التنفيذية للنظام متطلبات الأحكام الشرعية في التأمين، الصادرة من المجامع الفقهية. وأكد العصيمي، على وجوب الفصل بين أموال مالك شركة التأمين وأموال المشتركين في صندوق المشتركين للتأمين، حيث إن هنالك شركات تأمين يقوم ملاكها بالتصرف بأموال المشتركين بغرض الدخول في مضاربات وصفقات تعود نتائجها وأرباحها على الملاك أنفسهم. لكن مسؤولا في إحدى شركات التأمين المحلية، فضل عدم ذكر اسمه، يرى أن شركات التأمين هي من تخاطر برؤوس الأموال، بينما تضمن للمشاركين في صناديقها التأمينية سلامة سير برامجهم التأمينية، مؤكدا أن ذلك يتم تحت إشراف مؤسسة النقد وهيئة سوق المال. وأكد المسؤول أن هناك شركات تأمين لديها هيئات شرعية تشرف على العمليات الاستثمارية، التي تجريها مدللا على ذلك بأن الهيئة الشرعية لشركته تصادق على جميع البرامج التأمينية التي تقدمها، واصفا ذلك بالمتطابق مع الأحكام الشرعية في التأمين. فيما يخالف العصيمي نشاطات بعض شركات التأمين، معتبرا ذلك أنه ظلم وغرر وعدم كفاءة في التنظيم وتصريف أموال المشتركين، واصفا التزام شركات التأمين بلوائح نظام التأمين، بالالتزام الورقي وليس الجوهري، حيث إن معظم شركات التأمين لا تطبق ما جاءت به تلك اللوائح. وحمل العصيمي، الجهات المسؤولة عن قطاع التأمين في السعودية مسؤولية عدم التزام شركات التأمين بأنظمة التأمين المعمول بها، مطالبا إياها بتطوير أنظمة التأمين التعاوني وإلزام شركات التأمين بتطبيق ما ورد في لوائح تنظيم شركات التأمين، تطبيقا عمليا. ويرى ناصر الغامدي أن العلاقة بين المشتركين فيما بينهم وبين صندوق التأمين تقوم على أساس التعاون والتبرع، وعلاقة المستأمنين فيما بينهم لا تعد معاوضة، وإن وجد فيها عنصر التبادل، لأنها من باب المشاركات لا من باب المعاوضات، مضيفا أن ذلك لا يزال يحتاج إلى مزيد من الدراسة. مطالباً بإنشاء هيئة حكومية منفصلة، تكون هي الجهة الإشرافية والرقابية على أعمال التأمين التعاوني وتطويرها، مضيفا أن إدارة استثمار أموال الصندوق عن طريق الاستثمار والمضاربة من خلال الوكالة بأجر أو غيره من الصيغ الشرعية، هي من مهمة شركة التأمين، التي تقوم بإدارة عمليات التأمين من خلال ضوابط محددة تحفظ الحقوق للطرفين.