أكد مصدر متخصص في قطاع التأمين ل«الحياة» أن عدداً من العاملين في صناعة التأمين وملاك الشركات وبعض العلماء الشرعيين قاموا بالرفع إلى المقام السامي لتعديل اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني التي أصدرتها مؤسسة النقد (ساما)، ومنعت قيام تأمين تعاوني بما يتناسب مع قرار مجلس الوزراء الذي ينص على التأمين التعاوني قبل أن تحيله لائحة «ساما» إلى تأمين تجاري يتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية. وقال المصدر (الذي فضل عدم ذكر اسمه) إن الخلاف الأساسي ظهر منذ أن أصدرت مؤسسة النقد اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في آواخر العام 2005، بسبب نصها في المادة (70) على «توزيع 10 في المئة من الفائض الصافي للمؤمّن لهم مباشرة، وترحيل 90 في المئة إلى قائمة دخل المساهمين أو ملاك الشركة»، وهو البند الذي طالب كثير من الشرعيين وملاك الشركات والمختصين مؤسسة النقد بتغييره مرات عدة من دون استجابة من المؤسسة، ما دعا إلى تصعيد الموضوع إلى مستويات أعلى». وأضاف: «بقاء هذا البند يمنع قيام تأمين تعاوني، ويحيل كل الشركات القائمة حالياً إلى أن تكون شركات تأمين تجاري على رغم ادعاء بعض هذه الشركات بأن ما تقوم به هو تأمين تعاوني مطابق لتعاليم الشريعة الإسلامية». ورصدت «الحياة» الصراع بين «ساما» من جهة وبين بعض العلماء الشرعيين وملاك شركات من جهة أخرى، وتوجهت بالسؤال إلى الشيخ يوسف الشبيلي خلال لقائه بالطلاب السعوديين في نادي لندن، وهو مستشار شرعي لإحدى شركات التأمين، فقال: «مؤسسة النقد غيّرت النظام، وأصبح نصّ النظام هو ألا يقل التوزيع عن 10 في المئة، وكلمة لا يقل تحتمل من 10 في المئة إلى 100 في المئة، وبالتالي فإن اللائحة لم تعد قيداً أمام قيام شركات تأمين تعاوني». إلا أن رئيس اللجنة الوطنيه للتأمين موسى الربيعان نفى أي تغيير في اللائحة، وقال: «لم يصدر شيء رسمي يستند إليه من ساما». ويضيف الربيعان أن «تغيير اللائحة لا بد أن يصدر من صاحب الصلاحية بذلك وهو وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، وبحسب علمي لم يصدر شيء رسمي بذلك حتى الآن». من جهته، قال متخصص في التأمين (فضل عدم نشر اسمه) إنه «لم يصدر شيء مكتوب ورسمي من «ساما»، إلا أنها لا تدقق كثيراً في التزام الشركات بهذا البند، فهو موجود معدوم»، إلا أن تغييره ضرورة حتى لا يُحرم كثير من راغبي شراء أسهم شركات التأمين من ذلك لحرمة تداول هذه الأسهم مع بقاء هذا البند من دون تغيير». من جهة ثانية، أكد الربيعان أن «التأمين التعاوني هو مطلب الجميع»، محذراً مما يطالب به البعض من قيام تأمين تكافلي على غرار ما هو قائم في ماليزيا حالياً، ويقول إن «التأمين التكافلي يحمل عوامل خطورته في تطبيقه، فالشركة في التأمين التكافلي هي شركة إدارة فقط، وبالتالي لو ساءت هذه الادارة وأفلست الشركة فإنه لا يمكن مساءلتها أو تطبيق العقوبات عليها». واتصلت «الحياة» بمسؤول في مؤسسة النقد، لكنه رفض التعليق، واكتفى بالقول: «أي تغيير في اللائحة إن حصل فسينشر في ساعته على موقع المؤسسة الإلكتروني». ولم ينشر أي جديد على الموقع إلى ساعة نشر هذا الخبر. يذكر أن قرار مراقبة شركات التأمين الصادر عن مجلس الوزراء في 2-6-1424ه ينص في مادته الأولى على أن «يكون التأمين في المملكة عن طريق شركات تأمين مسجلة فيها، تعمل بأسلوب التأمين التعاوني على غرار الأحكام الواردة في النظام الأساسي للشركة الوطنية للتأمين التعاوني، وبما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية». إلا أن اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني التي أصدرتها «ساما» في 2005، منعت قيام تأمين تعاوني بحسب نص قرار مجلس الوزراء، وحولته إلى تأمين تجاري، وبحسب بعض المختصين في التأمين فإن هذه اللائحة تعارض مبدأ التأمين التعاوني من ثلاثة وجوه، الأول: أنها جعلت عقد التأمين عقد معاوضة بين الشركة والمؤمّن لهم وليس عقد تبرع، وهناك فارق بين النوعين، فالتأمين التعاوني يقوم على مبدأ أن المستأمنين يتبرعون بالأقساط إلى محفظة التأمين، والشركة تتبرع لهم بالتعويضات عند وجود ما يستدعي ذلك، وأما التجاري فهو عقد معاوضة بين المستأمن والشركة، يدفع الشخص أقساط التأمين إلى الشركة، لتدفع إليه مبلغ التأمين المتفق عليه من أموالها عند حصول ما يستدعي ذلك. الثاني، أن الشركة في التأمين التعاوني لا تتملك الأموال التي يدفعها المستأمنون لها، وإنما تأخذ أرباحها من تجميع هذه الأموال وإدارتها وتنميتها، ومن يملك الأموال فعلاً هم المستأمنون الذين دفعوها، وهذا يوجب الفصل التام بين المحفظة التي تضم أموال المستأمنين ومحفظة الشركة، وهو غير موجود في التأمين التجاري، إذ إن الشركة تتملك كل الأموال التي يدفعها المستأمنون حال دفعهم لها، وكل الأرباح التي تأتي من هذه الأموال ملك للشركة وليست لمن دفعها للشركة. الثالث، وهي النقطة التي لا يمكن معها لشركة تأمين أن تدعي أنها تعمل وفقاً للشريعة، وهي نص المادة (70) الذي سبقت الإشارة إليه، وهو الشرط الأكثر إثارة للخلاف والشكوى.