ما إن بدأت إجازة منتصف العام، حتى اكتست مقدمة محلات الأسواق باللون الأحمر، وأعلنت مجمعات تجارية محلية وإقليمية على مستوى دول الخليج العربي عن مهرجانات مطعمة بالتخفضيات، داعية إلى استغلال الفرصة، وسط أساليب ترغيبية لتعزيز إدمان الشراء لدى الأسر السعودية بشكل خاص، من خلال تخفيضات يصل بعضها إلى 75%. وعلى الرغم من قصر إجازة نصف السنة التي لم تتعد أسبوعا واحدا فقط، إلا أن الأسر السعودية جرت خلف تيار التخفيضات ومهرجانات الأسواق، بالسفر إلى دول مجاورة مثل الإمارات، أو استغلال فرص التخفيضات بالأسواق المحلية، وسجلت حضورا كثيفا في مهرجانات الأسواق وما تتضمنه من فعاليات ترفيهية وتخفيضات كان لها الحصة الأكبر من جيوب تلك الأسر. وقالت إحدى المتسوقات نوال ناصر، أنها تستغل فترة التخفيضات لتأخذ احتياجها لمدة أشهر، وزادت" أجدها فرصة مناسبة فأنا لا أشتري إلا في موسم التخفيضات خاصة أنها تستمر فترة وبعدها سننتظر حتى نهاية الصيف ليحل الموسم الثاني لها". وتؤيدها عبير عبدالله، التي قالت إنها تنتظر هذه الفترة من بداية السنة للتخفيضات، ولكنها ذكرت أن بعض المحلات تستغل التخفيضات لتخرج البضائع القديمة وتعرضها على أنها جديدة، مستغلة بذلك الرغبة الشديدة في الشراء وقلة المعروضات الجيدة، فيضطر المشتري لأخذ الموجود وبعد انتهاء التخفيضات تخرج الجديد وهكذا. أما سعاد صالح، فأكدت أنها كالأغلبية تنتظر التخفيضات لتحصل على ما تريد من احتياجاتها والتي لا تستطيع شراءها بدون حسم لغلائها، وقالت "قد تشتري ملابس شتوية حتى مع انتهاء الشتاء ولكن لترتديها في العام المقبل". وإعتبرت أم خالد العمر أن التخفيضات جاءت في وقتها، إذ إن المدرس ستنطلق اليوم، ولديها أبناء وبنات في المدارس والجامعة، لذا استطاعت أن تأخذ احتياجاتهم للفصل الدراسي كاملة مثل ما تفعل كل عام فهي تستغل الموسم في بداية الفصل الدراسي الأول وبداية الفصل الدراسي الثاني خاصة مع غلاء الأسعار التي لا تقدر على بعضها بحسب قولها، وتمنت أن تكون التخفيضات شاملة للمواد الغذائية. من جهته أشار الباحث الأكاديمي خالد الدوس إلى وجود خلل في تأثير مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتنوعة كالتعليمية والإعلامية، وأهمها المؤسسات الدينية التي يجب أن يكون لها توجه توعوي لضبط توازن الاستهلاك للأسر السعودية، مبيناً أنه كلما زاد الدخل زاد الإنفاق وهي قاعدة أساسية في علم الاجتماع الاقتصادي، مؤكداً أنه ليس هناك أي تأثر اقتصادي خلال هذا العام لعدم زيادة الدخل ووجود دخول ومحفزات أخرى إضافية. وقال الدوس "المجتمع السعودي مجتمع ترفي، يطغى عليه حب المظاهر، الذي يصنف على أنه مرض اجتماعي نفسي يعاني منه الكثيرون"، مضيفاً: "بدليل أن الأسر أصبحت تحرص على التخفيضات السنوية للشراء". وطالب الدوس بإعادة النظر في السلوك الاستهلاكي والنهوض بقالب التوعية لهذه الأسر كونها تتعلق بالاقتصاد والاجتماع. أما الخبير الاقتصادي فضل أبوالعينين، فقال إن أي زيادة تحصل للدخل يقابلها ارتفاع وتضخم في الأسعار مؤكداً أن السبب الرئيسي للتسوق هو الإدمان الاستهلاكي وليست زيادة الدخل بدليل وجود القروض الاستهلاكية التي تمثل أكثر من 80% من محفظة القروض في البنوك السعودية. وذكر البوعينين أن المجتمع أدمن على هذه القروض للسفر إلى دول خليجية ذات الطابع التسويقي في الإجازات، وتوجه البعض منهم للتسوق وذلك لإشباع النهم الاستهلاكي. وأوضح أبو العينين أن هذا التوجه الخاطئ تسبب في مشكلات اجتماعية كون بعض الأزواج غير قادرين على توفير هذه المنتجات التي تؤدي إلى أغلب مشاكل الأسرة كون المجتمع أصبح مجتمعا مظاهريا، والتي أثرت على الأسر ذات الدخل المحدود مما يلجأ رب الأسرة للبحث عن دخول أخرى مشبوهة لتوفير هذا النهم الاستهلاكي.