تعتبر المشاركة التطوعية في الغرب والذي يسمى مجازا - العالم الأول - هي من البديهيات والمسلمات لأنها في نظرهم تسير جنبا إلى جنب مع الحكومات لتحقيق السياسات التي تكفل الرفاهية لمواطني هذا البلد أو ذاك، ولا أكون مبالغا لو قلت إن رؤية البعض منهم للعمل التطوعي تجعله يبرز العمل الرسمي بمراحل حيث البيروقراطية وتبعاتها والتي تقلل من كفاءة العمل الرسمي! والمشاركة التطوعية للأفراد لها العديد من الصور فهي لا تقتصر على العمل البدني كالمشاركة أثناء الكوارث في الإنقاذ وما إلى ذلك ولكنها تشمل الكثير من جوانب الحياة، فكثيرا ما نرى في الغرب منظمات تطوعية تعنى بنظافة شواطئ المدينة مثلا، وتلك التي تعنى بأطفال العاملات من نساء الحي، وتلك التي تسهم في إحصاء عدد الفقراء في الأحياء، والأمثلة كثيرة ولا يمكن حصرها. ويبقى العمل التطوعي البارز في الغرب هو التبرع المالي أو العيني، ويظهر ذلك جليا في الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام بكافة أطيافها وتنوع لغاتها، حيث يقول الخبر إن أغنى رجل على وجه الأرض وهو الأميركي بيل جيتس، سيترك إدارة الشركة التي أسسها ليتولى نائبه تصريف شؤونها فيما سيتفرغ هو للعمل في مؤسسته الخيرية التي قام بإنشائها مؤخرا والتي تعمل على تتبع المشاريع الإنسانية ومنحها مليارات الدولارات، كما تسهم في أي فكرة تعود بالنفع على الفقراء والمحتاجين كما تعمل المؤسسة على تذليل العقبات التي تواجه منفذيها؟! انتهى الخبر. وبدأت دهشتي فكيف بهم يبزوننا حتى في الأمور التي لا ينبغي لأحد أن يتفوق علينا بها! أنا لا أنفي أن منا رجال أعمال لهم أيادي بيضاء، لا يسع لأحد أن يتجاهلها، ولكنني عندما أقارن ما يقدمه رجال الأعمال في الغرب بما يقدمه رجال الأعمال لدينا أشعر - وقد يوافقني الكثيرون - بأن رجال الأعمال هنا يأخذون أكثر مما يقدمون! قد يقول قائل إن هذا الكلام يتعارض مع حرية الإنسان فيما يملك، ولكنني أتساءل أيضا هل بناء مدرسة هنا أو مكتبة أو حديقة هناك أو بناء مقر لجمعية خيرية سيصعب على بيل جيتس يحمل الجنسية السعودية؟!