رغم تجاوز سنوات خدمته ال57 عاما، إلا أن مدير عام الإدارة العامة لاتصالات القصور الملكية والدواوين الملكية والضيافات الحكومية سابقا عبدالله بن سعيد الزهراني لم يتمتع إلا ب3 أشهر فقط كأيام إجازات، بدأ بمهنة "فراش" وانتهى بالمرتبة الرابعة عشرة مستشارا بالديوان الملكي. ورغم عدم تحصله على الشهادة التي تسوغ له أن يلقب ب"المهندس" إلا أن ذلك اللقب ظل ملازما له، وخصوصا بعد أن حصل على براءة اختراع في 1390 لجهاز خاص بتحويل المكالمات. واكب الزهراني في مسيرته العملية، جميع ملوك الدولة السعودية الثالثة، ابتداء من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وانتهاء بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مرورا بالملوك (سعود، فيصل، خالد، فهد). ومن الأمية انطلق الزهراني من العمل كفراش، وبفطنة وذكاء الرجل القروي تحصل على براءة اختراع العالمية في تأسيس خطوط الهاتف في القصور الملكية والضيافات والدواوين ومرافق الدولة، وأطلق مشروعه التقني في أنحاء المملكة كافة حتى بات مشرفا على كل اتصالات القصور الملكية. وكانت الاتصالات الملكية تخدم 192 موقعا وقصرا وديوان وضيافة. لا يزال الزهراني يتذكر المكافأة التي منحت له تشجيعا نظير ابتكاره واختراعه ويحتفظ بالخطابات التي وجهت باسمه لتركيب سنترالات في القصور الملكية في مسيرة استمرت ل6 عقود. رحلة كفاح الزهراني فتح قلبه ل"الوطن" لإطلاعها على ذكريات الماضي وبداياته في خدمة الدولة. يقول إنه عمل في الاتصالات بقصر الملك عبدالعزيز في 1/12/1370 بوظيفة فراش وعمره آنذاك 13 سنة، وتقاعد من العمل في 1427 في عهد الملك عبدالله بوظيفة مستشار في المرتبة 14 بعد أن خدم الدولة 57 عاما. كانت الاتصالات في بداية التصاقه ببيت الحكم لا توجد إلا في قصر الملك عبدالعزيز، ويذكر الزهراني أنه بدأ عمله وليس معه شهادة، ويمضي قائلا "لقد بدأت بوظيفة فراش بالاتصالات بقصر الملك عبدالعزيز وكنت أذهب مع الفنيين كعامل أقوم بالتمديد وسحب الكيابل وفي فترة قصيرة جدا تعلمت العمل مما جعل الفنيين يذهلون من سرعة تعلمي وبديهتي، وكانوا في ذلك الوقت أجانب وأغلبهم من المصريين مما جعلهم يختاروني معمر خطوط "فني" اتصالات في 1373. ويتابع حديثه بالقول "ومن ثم انتقلت أشرف على سنترال الملك سعود وكان ذلك في 1374، وفي هذا العام بدأت تركيب السنترالات واشتركت في تركيبها وكان أول عمل فني قمت بتركيبه سنترال مخصص للمشتركين في الرياض 1375 بشارع الملك فيصل بسعة 300 خط وكان المواطنون يرفضون الاشتراك فيه إلا عددا قليلا لا يذكر، وكان الخط الثاني سنترالا كبيرا أتوماتيك للمشتركين في المربع. ابتعاث خارجي ويحكي أن تقنية السنترالات بدأت بالتطور في عهد الملك فيصل، وكان الفيصل حريصا على الاتصالات، وكان يؤكد على ضرورة أن يتلقى المكالمات الهاتفية كافة مهما كان نوعها أو الوسيلة التي تجرى من خلالها، حتى إنه (أي الملك فيصل) لم يكن يشكل لديه ما إذا كان الاتصال يتم بالطريقة العادية أو الأتوماتيك، وكان يقول "أهم شيء تصل لي المكالمة". حصل الزهراني على الابتدائية في 1384، ويقول إنه تم ابتعاثه لبريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية ومن ثم للسويد في 1388، وحصل بعد ذلك على دبلوم في الاتصالات والسنترالات والكوابل المحورية البحرية والكوابل الهوائية. وفي محطة أخرى من ذكرياته، يقول الزهراني "أذكر أن الاتصالات طلبت بتطوير سنترال الملك فيصل لتحويل المكالمات وتعذرت شركة نوركونسلت الاستشارية للاتصالات لأن هذه التقنية غير موجودة لديهم وقمت أنا في ذلك الوقت بعمل تجربة بحيث أحضرت طاولة وعملت عليها تجارب وأسلاكا خارجية ونجحت تجربتي وقمت بتطوير السنترال وحصلت على شهادة الاتحاد الدولي والمهندسين المتخصصين ("الوطن" تحتفظ بشهادة الشركة له 1975). ويتابع في السياق ذاته "هذا الأمر دعا الملك فيصل بمكافأتي ب5000 ريال عن طريق قرار مجلس الوزراء رقم 2008 /3/ في 28/1/1391. اختراع تحويل المكالمات وبعد أن تعرض سنترال الملك فيصل للعطل في ذلك الوقت، قام الزهراني بإصلاحه بنفسه. ويقول في هذا الصدد "كانت الشركة قد قررت أن إصلاح هذا الخلل يستغرق من الوقت سنتين وبتكلفة تصل ل80000 ريال، وهو ما لم يكن مقنعا بالنسبة لي وبعد محاولات عدة تمكنت من إصلاحه في ظرف شهرين وبتكلفة 3300 ريال". وأضاف الزهراني أنه إثر نجاحه في اختراع تحويل المكالمات لسنترال قصر الملك فيصل توالت الطلبات لتركيب مثل هذه التقنية في ديوان مجلس الوزراء بالرياض من رئيس ديوان رئاسة المجلس صالح العباد في 1390، وكذلك في الطائف والمراسم الملكية، وكان رئيسها آنذاك أحمد عبدالوهاب، إضافة إلى إمارة الرياض وقصر الأمير سلطان بن عبدالعزيز بالعزيزية بأمر منه والذي ذكر في خطاب (تنشره "الوطن") أنه "يوجد سنترال في قصرنا في العزيزية بالرياض وأنه لا يمكن تحويل المكالمات الخارجية إلى خط داخلي، نأمل تكليف المهندس عبدالله بن سعيد الزهراني بعمل تحويلة بما عمله بقصر جلالة الملك وديوان مجلس رئاسة الوزراء". هذه الثقة، كانت دافعا وراء منح الزهراني مكافأة ثانية مقدارها 20000 ألف ريال بقرار مجلس الوزراء رقم 28679/3/ش في 8/10/1395، فيما ذكر أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز طلب بترقيته استثنائيا. وأشار الزهراني إلى أنه وحفاظا على سرية المكالمات التي تجرى في المواقع المهمة التي قام بتركيب الهاتف بها، كان يقوم بتعديل السنترال بعد تركيبه من الشركة لضمان السرية، مؤكدا أن الشركة لا تستطيع فك الشفرات. وكان الزهراني عين أول مدير للشؤون الفنية للهاتف واتصالات القصور الملكية عند تشكيلها بهذا المسمى 1397. وقال إنه في 1402 أصدرت وزارة البرق والبريد والهاتف تنظيما جديدا وجد نفسه خارجه، قبل أن يصدر أمر سام باستمراري بالقيام بعمل مدير الإدارة العامة لاتصالات القصور الملكية والدواوين والضيافات الحكومية إذ أصبحت إدارة مستقلة بذاتها مفصولة عن وزارة البرق والبريد والهاتف. وفي 1410 قام الزهراني بتصميم أجهزة اتصالات لحفظ المكالمات من الانقطاع، كما أنه أول من قام بتأسيس وتركيب وتشغيل الشبكات الهاتفية الأرضية والهوائية في مناطق المملكة سنترال الدرعية وعرقة والمنصورية والخرج والدلم والصحنة ورحمية المنطقة الشرقية وصفوة بالمنطقة الشرقية وحفر الباطن وبريدة وعنيزة والرس والبكيرية ورياض الخبراء والبدائع والمذنب والأسياح والزلفي والمجمعة وحوطة سدير وحائل وضرماء وحريملاء ومرات والقرين والشيشية وشقراء والدوادمي وعفيف وحجلة الخميس وأبها والأفلاج ووادي الدواسر إضافة إلى القصور الملكية ومرافق الدولة الكبيرة والمهمة.