لم يكن ممكناً لأحد قبل عشرين عاماً أن يتصل بموظف في شركة أو في دائرة حكومية ، إلا بعد أن يتم تحويله من قبل موظف السنترال ، وبالرغم من أن "غرفة السنترال" بقيت لعقود في زاوية منسية في مباني الشركات والهيئات الحكومية ، إلا أن لموظف السنترال هيبة عظيمة ، فالرجل الذي في الغالب يشترط لتوظيفه معرفة القراءة والكتابة ما أن يشغل ذلك المنصب حتى يصبح المتحكم في كل ما يصل الموظفين بالخارج ، وما يصل الخارج بالداخل ، إن أخذ ذلك الموظف الخط ، تحقق الهدف من الاتصال ، وإن رفق فإن ذلك المتصل سيبقى يسمع نغمات الرنين طويلاً حتى ينقطع الخط .... كانت سلطته مطلقة ، وكانت وظيفة هامشية وضعت من يشغلها في مكانة تحظى بالتقدير الكبير ، إلا ان ثورة الهواتف الجوالة والإنترنت فيما يبدو قد أضعفت الموقف ، فقد أصبح موظف السنترال منسياً في غرفته الصغيرة ، فمن يريد أن يتصل بأحد سيلجأ للهاتف المحمول .. وقد ظهر ضعف الاهتمام بخدمات السنترال في السنوات الأخيرة بشكل لافت خاصة في الشركات والجهات الحكومية ..لكن خطورة ذلك تكمن في استعانة المستهلكين بأرقام هواتف السنترال في الشركات للحصول على معلومات عن منتجاتها أو أماكن بيعها ، والتي يرى مراقبون أن لتجاهل الشركات لأهمية السنترال انعكاسات سلبية على تواصل المنشأة وصورتها الذهنية لدى عملائها المحتملين..فهل سيبقى السنترال يمثل أهمية في ذلك التواصل أم أن التطور التقني كفيل باختفاء تلك الغرفة الصغيرة التي تسمى مكتب السنترال؟ د. الربيع الشريف الباحث في تقنية الاتصالات أكد أن الاهتمام بالسنترال في الشركات العربية لم يكن جيداً حتى في الزمن الذي كان الاتصال عن طريق السنترال ربما يكون الأسلوب الوحيد للتواصل ، وأشار ان التقدم الهائل في مجالات التكنولوجيا اليوم قد ساهم في تجاهل الاهتمام بالسنترال كواجهة مهمة وحيوية لأي شركة ، وأشار إلى ان التطور التقني قد طال أجهزة وشبكات السنترال بشكل كان يفترض أن يستفاد منه في هذه المرحلة ، وأكد على أن السنترال يمثل قناة مهمة لتواصل الناس مع المنشأة كونه يعد قناة الاتصال الرسمية لتلك المنشأة .. مشددا على أنه يجب عدم تجاهل السنترال برغم وجود أدوات اتصال حديثة ، وأكد على أنه يربط المنشأة بعلاقاتها التجارية مع المنشآت والأفراد ، مما يعزز صورتها الذهنية ، ويفعل علاقاتها التسويقية ، وانتقد ما أسماه تهميش السنترال من خلال تعيين أي موظف قد لا يملك أسلوب التخاطب والتواصل مع الآخرين كموظف في هذا القسم ، وشدد على أن تعامل الموظف مع المتصلين قد يؤثر سلباً أو إيجاباً في علاقات المنشأة ..وأكد أنه رغم ثورة التقنية إلا أن السنترال سيبقى الأعلى قامة في مسألة تواصل الشركات والمنشآت ، مشيراً إلى أن شركات القطاع الخاص بدأت تتجاهل أهمية السنترال بشكل واضح ، لكنه أكد على أن الجهات الحكومية هي الأكثر تهميشاً وتجاهلاً . وعرج على ان السنترال بلغ من التطور مرحلة جعلت بإمكانه استقبال المكالمات وتخزينها كأرقام أو رسائل صوتية، في حالة غياب الموظف، فما أن يعود إلى مكتبه، ويرفع السماعة، يبدأ الجهاز في سرد ما فاته من أرقام ومن رسائل صوتية، وفي مراحل متقدمة تكون رسائل مرئية، وأشار إلى ان تقنية السنترالات الحديثة قد تمكن الموظف أن يحول رقم توصيلة هاتف مكتبه إلى هاتفه المحمول في حالة مغادرته مكتبه، وبالتالي لا ينفصل عن مكتبه البتة ، مشددا على ضرورو مراجعة الشركات لحساباتها فيما يتعلق بالسنترال .