"زوجي لا يكتم سرا لوالدته، فبمجرد أن يصله اتصال منها حتى يسرد لها تقريرا مفصلا لكل ما حدث داخل المنزل، حتى أدق التفاصيل في حياتنا الخاصة، مما يجعلني أشتعل غضبا من عدم وجود خصوصية أتمتع بها داخل منزلي"، هذا ما تقوله منى الغامدي، المتزوجة منذ خمس سنوات، وتضيف "عندما أصارحه بتضجري من ذلك يهون الأمر، ويعتبره أمرا عاديا". وتشاطرها الرأي فريدة العطوي، التي تعاني من نفس المشكلة، وتعلل ذلك جلوس زوجها في البيت دون عمل منذ فترة، وهو ما يدفعه للفضفضة لأي شخص من أقربائه، تقول: "ذات يوم أردت الذهاب إلى جارتي مع إحدى صديقاتي، وإذا بهاتف زوجي يرن لأجده يخبر المتحدث معه بتفاصيل زيارتي هذه، فعرفت بفطتني أن المتحدث معه قد تكون أمه أو أخته الكبرى". وتستغرب العطوي من تصرف زوجها، وتتساءل "لماذا يخبرهم بأدق التفاصيل؟، حتى وإن كن هن من يسألنه، فمن الأولى ألا يفشي أسرارنا بالكامل"، مضيفة "أحيانا تكون هناك خلافات بسيطة فيما بيننا، وعندما أذهب لزيارة أهله، أو يقمن بزيارتي أحاول جاهدة عدم إظهار ذلك، وأتصنع الابتسامة، وأتحدث معه أمامهم، وكأن شيئا لم يكن، ولكن الصدمة تكون عندما يوجهون لي سؤالا حول الخلاف الذي بيننا". من جهته علق الأخصائي الاجتماعي عادل الغامدي، على ذلك وقال: إن "غياب الخصوصية داخل الكيان الأسري عائد على ما يسمى بالزواج الصامت، وبالتالي يبحث أحد الطرفين عن متنفس ونافذة للبوح بها عن متاعبه وآلامه الزوجية". وأضاف أن "الزوج العامل كثيرا ما يجالس أصدقاءه أكثر من بقائه داخل بيته، عكس غير العامل، إذ يؤثر الفراغ سلبا على تصرفاته"، مؤكدا أن إفشاء الأمور الحياتية الخاصة بالأمور الزوجية هي الشرارة أو البداية الحقيقة والفعلية لحدوث مشكلة قد تتفاقم، وتأخذ مناحي أخرى، وقد ينتهي المطاف بها إلى أمور لا يحمد عقباها، فقد تتحكم الأمور العاطفية في العلاقة الأسرية، خاصة إذا كان الطرف الآخر أحد الوالدين"، فيؤثر ذلك سلبا على الأسرة". وحذر الغامدي من أن المشاكل ربما تقود إلى غياب الأمان الأسري بين الزوجين، وربما يتعدى ذلك الأثر إلى الأبناء، وأيضا قد يقود ذلك إلى البحث المستمر لطرف خارجي؛ ليكون الملاذ الآمن عوضا عن الشخص الذي تخلى عن دوره، وما يتبع ذلك من انحرافات أخلاقية تلقي بظلالها على الأسرة كاملة". وبين الأخصائي الاجتماعي أن حفاظ الزوجة على أسرار بيتها، فضلا عن كونه واجبا دينيا واجتماعيا، قد يكون إلى حد ما بسبب خوفها من استغلال تلك الأسرار في أمور تسيء لها شخصيا، ويقلل من المكانة الاجتماعية داخل محيطها الذي تسعى جاهده لتكون في أفضل صورها، حيث تطمح دائما إلى المثالية في الحياة الزوجية، حتى لو كانت تعيش في أضنك الظروف وأضيقها، ودعا الأزواج إلى تقديس الحياة الزوجية، والحرص على عدم إفشاء أسرارها؛ لأن دخول أطراف خارجية في المشكلة قد يؤدي إلى تفاقمها، وهو ما يدمر العلاقات الإنسانية بين الزوجين.