دعا اقتصاديون ومختصون في علم الاجتماع إلى وضع استراتيجية وطنية تلزم البنوك والشركات الصناعية الكبرى في المملكة بالمسؤولية الاجتماعية باعتبارها واجبا وليست تبرعا أو فضلا، الأمرالذي سيسهم في توفير كثير من الخدمات والبرامج للمجتمع، بما يرتقي بالحالة المعيشية والثقافية، ويوفر الفرص الوظيفية، وسبل الحياة الكريمة. أستاذ الخدمة الاجتماعية الإكلينيكية المساعد وكيل عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض الدكتور ناصر العود دعا في حديث ل"الوطن" أمس إلى ضرورة وضع هذه الاستراتيجية ضمن خطط التنمية بما يحقق الغاية منها، في ظل تنامي أعداد السكان، وتزايد متطلبات الحياة العصرية، ويحقق نتائج إيجابية تكاملية بالتزامن مع خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية على أن تشمل كافة مناحي الحياة، وتخدم المجتمع. ويجب هنا أن يطالب المجتمع بهذه الاستراتجية كحق مشروع له جراء ما تجنيه البنوك من أرباح هائلة بفضل الإيداعات البنكية، وتحققه الشركات الصناعية الكبرى من أرباح نتيجة المبيعات لمنتجاتها البترولية أو مشتقاتها الضارة بالبيئة والصحة العامة. ومن جانبه قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين ل"الوطن" من المؤسف حقا أن تستمر المصارف السعودية في تجاهل دورها الحيوي تجاه المجتمع الذي تعمل في محيطه، وتصر على أن تنأى بنفسها عن أية التزامات اجتماعية ثابتة تقرها مجالس إداراتها بصفة دورية. ربما كان للثقافة الاجتماعية، والقوانين الرسمية دورمهم في تشجيع هذا التجاهل، فالمجتمع لا يصر على الحصول على تلك المساهمات كحق من حقوقه المشروعة التي يفترض أن تلتزم بها المصارف نظير ماتحققة من أرباح ضخمة من خلال عملياتها المالية المقدمة لفئات المجتمع. كما أن القوانين الرسمية لا تدعم تنظيم عمليات المشاركة الاجتماعية على الرغم من الحرية الضريبية التي تتمتع بها المصارف السعودية أسوة بالشركات الأخرى. ويضيف البوعينين يمكن إدراج البنوك السعودية ضمن التصنيفات المتدنية جدا من حيث مساهمتها في خدمة المجتمع، فخلال العقود الماضية لم نشاهد عملا اجتماعيا مميزا للبنوك السعودية، خصوصا في مجالات الإعمار كإنشاء الجامعات والمدارس والمستشفيات والمستوصفات، أو دعم تخصصات البحث العلمي، أو فتح مراكز الأبحاث ونحوها من الخدمات المقدمة للمجتمع. هناك محاولات خجولة لا يمكن الإعتداد بها أو الإشارة لها إذا ماقيست بمستوى أرباح المصارف الضخمة. ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يكون هناك مركز وطني للمعلومات يرصد الاحتياجات الاجتماعية بحسب المناطق والمدن والقرى، لتسهيل عملية تقديم الخدمات الاجتماعية بحسب الأولوية والحاجة. فالمجتمع لا يطالب المصارف السعودية بالتحول إلى جمعيات دعم اجتماعية، بقدر ما يطالبها بتحديد نسبة ثابته من الأرباح السنوية كي توجه نحو المشاريع التعليمية، والصحية، والاجتماعية، والخدمية، أسوة بالبنوك الأجنبية التي تدفع في أحيان كثيرة مانسبته 5% من أرباحها السنوية كتبرعات لجهات النفع العام، وتتسابق فيما بينها لتحقيق أهدافها الاجتماعية بالتزامن مع أهدافها الربحية.