تتفاوت التقديرات نحو مساهمات البنوك الاجتماعية ومسؤوليتها في هذا الصدد، في حين أن كثيرا من المراقبين يرون أن نسب تلك المساهمات لا ترقى للأرباح التي تحققها البنوك من تعاملاتها مع مختلف شرائح المجتمع. «عكاظ» فتحت في هذه القضية نقاشا ابتدأه أمين عام لجنة التوعية المصرفية في البنوك السعودية الدكتور طلعت حافظ بنفي اتهام البنوك بالتخلي عن مسؤوليتها الاجتماعية، قائلا: أختلف كثيرا مع من يتهم البنوك المحلية بالتخلي عن دورها ومسؤوليتها الاجتماعية، فهي تقوم بتوظيف أكبر عدد ممكن من الشباب والشابات السعوديين، الذين وصلت أعدادهم لأكثر من 32 ألف موظف وموظفة يعملون في القطاع البنكي. وهذا في حد ذاته إنجاز رائع للبنوك السعودية، لا سيما عندما نقارن إنجازاتها بإنجازات القطاعات الأخرى التي لم تحقق هذه النسب الطموحة في التوظيف. وأكد حافظ أن جميع البنوك المحلية لديها قسم خاص يعنى بالمسؤولية الاجتماعية يرتبط مباشرة بالهرم الإداري لكل بنك، سواء أكان الرئيس التنفيذي أو بمجلس الإدارة مباشرة، للعمل على تنمية وتطوير المشاريع الصغيرة والحرف الصغيرة ودعم الأسر المنتجة، ماليا وفنيا ولوجستيا، بالإضافة إلى برامج الرعاية الصحية التي أسهمت البنوك في تقديمها للمجتمع، ودعم برامج التعليم والتدريب لسوق العمل، إلى جانب وجود 3 كراس بحثية مقدمة من البنوك في جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، لدعم برامج رعاية الأيتام، والعناية بالبيئة، وذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن تبرعات المصارف للجمعيات الخيرية. من جهته أشار الاقتصادي فضل البوعينين إلى أن القطاع البنكي في المملكة لا يقوم بدوره تجاه المجتمع، وقال: يجب أن نعترف أن البنوك ليس لها دور مسؤول في خدمة المجتمع ومساهمتها في المسؤولية الاجتماعية تكاد تكون محدودة أو لا ترى مقارنة بالأرباح التي تحققها، والمقدرة بخمسين مليار ريال سنويا. وأضاف: أعتقد أن البنوك ليست قاصرة فقط عن دورها الاجتماعي، بل هي تقوم بالإضرار بالمجتمع، من خلال تشجيع الأفراد على الاقتراض، وشراء ما ليس لهم حاجة فيه، وتحفيز المجتمع على اقتناء بطاقات الائتمان، وزيادة معدلات الاستهلاك من خلال استخدام هذه البطاقات تحت ضغط البرامج الترويجية والجوائز التي تعد المصارف مستخدمي هذه البطاقات بتحصيلها في حال استخدامهم لمثل هذه البطاقات. وشدد البوعينين على أن البنوك لو ترك قرار مساهمتها الاجتماعية لإداراتها فلن نجد مساهمة تذكر منها نحو المجتمع، فهي تحاول تعظيم الأرباح وتحويلها إلى المساهمين أو المديرين التنفيذيين، وليس إدراج جزء منها لخدمة المجتمع. وبدوره أكد الاقتصادي عبدالحميد العمري على أن القطاع البنكي هو الأعلى ربحية بين كافة القطاعات الاقتصادية في المملكة وعلى مستوى القطاعات المصرفية المماثلة لها على مستوى العالم، وفقا للبيانات الدولية. وقال: إن البنوك السعودية تتمتع بحماية قوية جدا من مؤسسة النقد العربي السعودي، كما أن تكلفة الأموال الموجودة في حوزتها تعتبر صفرا، إضافة إلى أنها تمثل قطاعا يعتبر من القطاعات عالية التركز، بمعنى أن هناك احتكارا في هذا القطاع الذي تستأثر بالعمل فيه 10 مصارف فقط، وهو ما لا تجده في أي اقتصاد بالعالم، يحقق خلاله المصرف لدينا أرباحا سنوية تعادل رأس المال المدفوع، كما هو في البنوك السعودية. وزاد العمري: إن كل هذه المزايا للمصارف المحلية لم تقابلها للأسف الشديد مساهمة نحو المجتمع، برغم أن موجودات البنوك المحلية والبالغة 1.6 تريليون ريال تشكل أكثر من 60% من حجم الاقتصاد السعودي، إلا أن مساهمتها في القيمة المضافة للاقتصاد لا تتجاوز 2.6%، وبالتالي لا نستغرب أن تكون مساهمتها تجاه المسؤولية والتنمية الاجتماعية ضعيفة. مشيرا إلى أن من الواجب على مؤسسة النقد أن تفرض على المصارف المساهمة، عبر استقطاعها من الفوائد التي تجنى من حسابات الودائع، كوننا مجتمعا إسلاميا ولا يقبل بتلك الفائدة، وتوجيه تلك المبالغ المستقطعة إلى الجوانب الاجتماعية، ورفع الدخل للشرائح الاجتماعية محدودة الدخل، والفقراء، طالما لم نشاهد من البنوك المحلية أية مبادرات حقيقية لدعم الاقتصاد أو الاضطلاع بمسؤوليتها الاجتماعية.