لم يتوقع الدكتور سعد البازعي أن يقع تحت سلطة الأسئلة والتعليقات في محاضرته عن "السلطة والمعرفة" التي تحولت إلى حوار مفتوح أثار العديد من القضايا والتساؤلات في نادي جازان الأدبي مساء أول من أمس وسط حضور لافت امتلأت به قاعة الأمير فيصل بن فهد وصفه البازعي بقوله "مثّل لي هذا الحضور مفاجأة وبهجة إذ لم نعتد مثل هذا الإقبال على المحاضرات منذ زمن، ولكنها جازان، فعلى الرغم من وجود مباراة رياضية مثيرة إلا أن الحضور كان مثيرا". المحاضرة التي أدارها الدكتور إبراهيم أبو هادي شهدت أكثر من 12 مداخلة قال عنها البازعي "بعضها كان في الصميم وأثارت قضايا لم تكن في البال واستفدت منها كثيرا إلى جانب عدد من المداخلات التي جاءت على هامش المحاضرة". وانطلق البازعي في محاضرته بالحديث عن العلاقة بين المعرفة والسلطة، مشيرا إلى أنها إحدى العلاقات الأساسية في الاجتماع الإنساني. وأكد بأنه لا يحاول استعادة ما قاله الباحثون والمفكرون عن تلك العلاقة بقدر محاولته دراسة المنتج المعرفي من الزاوية التي يتأثر ويتشكل بها من خلال سلطة السياسة والمجتمع والثقافة رغم تداخل بعضها والتميز بينها يظل تمييزا نسبيا غير حدّي. مضيفا بأنه ركز على الكيفية التي تشكلت بها النصوص المنتجة للمعرفة والثقافة. وقال البازعي "حين يتأثر منتجو المعرفة تأتي نصوصهم معبرة عن تأثرهم منسجمة حينا، وخارجة حينا آخر عن طوعه وهو ما ينتج توترا نصيا سعيت لتأمله والخروج منه بما يعد سمات له أو خصائص" وأردف بالقول: اخترت لهذا الموضوع اثنين من عمالقة الأدب العربي هما ابن المقفع وأبو حيان التوحيدي اللذان تأثرت أعمالهما بما واجهاه من سلطات سياسية ومجتمعية وثقافية وبما فرض عليهما من رقابة شكلت النصوص التي واجهتها بما لديها من حيل في الكتابة والقول. وذهب البازعي إلى أن النصوص نفسها مارست أيضا سلطتها المعرفية بقول ما تريده على الرغم مما يحيط بها من قوى. الدكتور حسن حجاب الحازمي قال إن بعض المداخلين غابت عنهم فكرة المحاضرة، ورأى أن المحاضر وصل بمهارة فائقة من خلال تحليله لكيفية تحول المعرفة نفسها إلى سلطة. الشاعر إبراهيم زولي أشار في مداخلته إلى أن هناك شكلا آخر للسلطة هي "المعرفة السلطة" حين تتقادم المعرفة التقليدية وتتحول لتصبح سلطة مستشهدا على ذلك بأبي نواس وموقفه من الوقوف على الأطلال وهدمه لسلطة معرفية في ذلك الزمن، واستشهد زولي بموقف شعراء التفعيلة والحداثة وخروجهم عن سلطة النص التقليدي الموزون والمقفى. وأجاب البازعي عن سؤال "الوطن" عما إذا كان قد آثر جانب السلامة في عنوان محاضرته بمقابلته بين المعرفة والسلطة بدلا من المثقف بقوله "أحببت أن أقول المعرفة بدلا من المثقف لأن الإشكالية بين كيانين وليست بين فرد وكيان، فالسلطة ممثلة بالمجتمع والساسية تقف في مواجهة كيان آخر هو المعرفة وأردت أن أضع قوتين في مواجهة بعضمها".