الخبر السعيد هذا الأسبوع «فوز السعودية باستضافة إكسبو 2030» بعد أن ترشحت له ودعم ترشحها من قبل معظم دول العالم. لم يكن ترشح المملكة مغامرة أو تسرعًا ومجازفة، وإنما كان يعكس استحقاقًا طبيعيًا ومأمولًا بالفوز، لأن الترشح حصل بعد أن كونت المملكة بنية تحتية قوية ومتينة وجاهزة للاستضافة، بل وتعكس نموذجًا تنمويًا رائدًا على المستوى العالمي، بما حققته المملكة من منجزات قائمة، وما أضافته إلى مسيرتها التنموية من إبداعات وبرامج تطويرية في غضون سنوات قليلة، تُعد قفزة نوعية في المجال التنموي بجميع مساراته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كانت الجهود حثيثة والأعمال متواصلة والإنفاق سخيًا ومتكاملًا، شمل جميع القطاعات والمجالات التنموية، وكانت المتابعة والاهتمام من القيادة جلي وحاسم في استمرارية الإنجاز بجودة عالية وبقيمة نوعية غيرت صورة السعودية النمطية بما أضافته من تشريعات وتنظيمات، وما استحدثته من قوانين مثلت الأرضية الداعمة والموجهة لجميع المشروعات والبرامج التي تضمنتها مرحلة التحول والتغيير نحو تحقيق تطلعات الرؤية وتجسيد مستهدفاتها في منجزات ومشروعات قائمة، احتوت مختلف مواردنا واستوعبت تنوع آمالنا وتطلعاتنا. لم تكن عملية التحول سهلة وميسرة كما أنها لم تكن عشوائية وارتجالية، إنما كانت تستند إلى خطة تنموية شاملة ومتكاملة ورؤية طموحة احتوت جميع القطاعات لتكون النتيجة مبهرة والحصاد مثمرًا. لم يكن استثمار الموارد الطبيعية والبشرية هو الهدف وحده، ولم يكن تعظيم المردود الاقتصادي هو التطلع فقط، ولم يكن الاهتمام بالتراث الثري والتاريخ الممتد بموروثه الثقافي المتنوع هو المرتكز، وإنما كان جميع ذلك هو المحتوى في حقيبة التنمية الوطنية، ليكون النتاج شاملًا ومتكاملًا ومتميزًا في نوعيته وجودته، بل وليكون فريدًا في أسلوبه ورائدًا في تنوعه وشموله. تحديث التشريعات واللوائح والأنظمة المؤسسية كان البداية الصحيحة والحاسمة التي رسمت خطة التغيير ووجهت بوصلتها نحو الهدف المنشود من التطوير والتغيير المستهدف. كانت متابعة التنفيذ والحوكمة ومحاربة الفساد الأداة القوية التي أسهمت في ما تم تحقيقه من منجزات في مشروع التحول المستمر حتى 2030 وما بعد 2030، كان جمود القوانين ورتابة إجراءاتها وعدم مناسبتها لمشروعنا التنموي بجميع تفاصيله؛ سببًا في تعطيل الاستثمار الفعلي وتجميد الاستفادة من مواردنا الوطنية لسنوات طويلة، فعلى الرغم من الإنفاق المستمر على التعليم والصحة وغيره من مسارات التنمية وقطاعاتها المتنوعة، لم يكن المنجز والمستفاد بحجم الإنفاق المادي ولا يناسب كذلك نحو نصف قرن من التنمية الدؤوبة منذ بداية مسيرة التنمية في السبعينيات الميلادية من القرن الماضي. ما تم إنجازه بعد تنفيذ رؤية 2030 اختزل عقودًا من التنمية في بضع سنوات لتكون المملكة رائدة ونموذجًا تنمويًا يستحق الصدارة والتقدير على المستوى العالمي؛ وعليه فإن الفوز باستضافة إكسبو 2030 هو استحقاق عن جدارة بل هو وسام دولي شاهد على عدالة الترشح بالاستحقاق. التطوير والإصلاح الذي احتوى الجانب الثقافي والسياحي والترفيهي والرياضي، إضافة إلى برامج الاستثمار النشط في مواردنا البشرية ومقدراتنا الاقتصادية، أتاح للمملكة توسيع نافذتها بالانفتاح على العالم ومكنها من المنافسة في المشاركات الدولية والمسابقات التي تميزت فيها مواردنا البشرية بعد تطوير آلية تأهيلهم وتمكينهم من الفوز بجوائز عالمية مستحقة. أما النهوض بقطاع السياحة والترفيه والاهتمام المدروس بالجانب الثقافي والرياضي، فقد أتاح لجميع الشعوب الاطلاع على ذلك الكيان الوطني الذي ظل مفتوحًا على استحياء لعقود مضت. التميز والاستمرارية في التقدم والريادة لا يأتي فجأة ولا يُحصد بالعلاقات الدولية والتملق، وإنما تُبنى قواعده المتينة بالجهود المخلصة والعمل الدؤوب والمتابعة الحثيثة لضمان جودة العطاء وتميز الإنتاج الذي تجسده منجزات شاهدة على مستوى التميز وابداع الحصاد. تمثل المملكة اليوم مركز استقطاب دولي وإقليمي لما تقدمه من جهود تنموية ومساعٍ سياسية واقتصادية تهتم بحفظ التوازن الدولي وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة لجميع الشعوب على المستوى الدولي دون تمييز أو تفرقة عنصرية أو دينية. تعكس المملكة في جميع شراكاتها الاستراتيجية وعلاقاتها الدولية نموذجًا إنسانيًا لما يجب أن تكون عليه الريادة الدولية والقيادة العالمية. وبذلك تستحق كل تميز أو مكانة لائقة تمنح لها بما تملكه من مقدرات، وما تقدمه من جهود سخية أسهمت في تعزيز مكانتها وثقلها على المستوى العالمي.