قدر مسؤول دولي حجم غسل الأموال عالمياً بين 1.5 و تريليوني دولار سنوياً، مشيراً إلى أن أغلب هذه الجرائم تتأتى من الاتجار بالمخدرات، في ظل وجود أنشطة أخرى تستخدمها المنظمات الإجرامية، تتمثل في المتاجرة بالأحجار الكريمة، والموارد الطبيعية، والاتجار بالبشر، إضافة إلى أنشطة جديدة استغلتها تلك المنظمات مثل المتاجرة في النفايات الكيميائية والسامة التي تشكل تحديا أمام الدول الغربية للتخلص منها. وأكد المدعي العام لمحكمة الاستئناف في كولمار بفرنسا، عضو اللجنة الأكاديمية بالأمم المتحدة لمكافحة الفساد جان فرانسوا توني ل"الوطن"، على هامش فعاليات ندوة "دور ومسؤولية جهات الادعاء العام وأجهزة القضاء في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، التي اختتمت في الرياض أمس، أن المجتمع الدولي حقق كثيرا من التقدم في مكافحة غسل الأموال منذ عشرين عاما، مشيراً إلى أن الجهود الكبيرة التي قامت بها الدول في هذا الصدد، بدأت نتائجها في الظهور، حيث نجحت في تطهير كثير من المناطق حول العالم من المنظمات الإجرامية المتخصصة بجرائم غسل الأموال. وعن وجود إحصائيات رسمية حول مبالغ وأحجام عمليات غسل الأموال في العالم، قال إنه من الصعب تحديد ذلك، لأنه يعد نشاطا اقتصاديا خفيا، مضيفاً: "لا يوجد لدينا إحصائيات رسمية عن جرائم غسل الأموال، ولكن نستطيع أن نقول إن حجم مبالغ غسل الأموال في العالم يتراوح بين 1.5 و تريليوني دولار سنوياً، ولكن ذلك لا يعني أن هذه المنظمات الإجرامية تملك هذه الأموال". وفي ما يتعلق بالجرائم الأساسية التي تنشأ منها جرائم غسل الأموال، والأنشطة التجارية التي تستغلها المنظمات الإجرامية في عمليات غسل الأموال، قال فرانسوا إن هذه الأنشطة تختلف حسب الدول وحسب نوعية المنظمات الإجرامية، مبيناً أن الاتجار بالمخدرات يعد النشاط الإجرامي الأكبر الذي يشهد غسل الأموال، في ظل وجود أنشطة أخرى مثل الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة، والمتاجرة بالأحجار الكريمة، والموارد الطبيعية. وأشار فرانسوا إلى وجود أنشطة جديدة تستغلها المنظمات الإجرامية، إذ لوحظ زيادة في إقبال المنظمات الإجرامية في الدول الغربية، على تجارة النفايات، لأن الدول تواجه تحديا كبيرا في إعادة تدوير النفايات السامة والمصانع الكيميائية، والنفايات النووية، الأمر الذي فتح المجال أمام هذه المنظمات لاستغلال ذلك في المتاجرة بها والاستفادة منها في عمليات غسل الأموال. وعن التحدي الذي يواجه دول العالم أمام القضاء أو الحد من ظاهرة غسل الأموال بشكل عام، قال فرانسوا إن التحدي الأكبر يتمثل اليوم في أن إيجاد قواعد تشريعية متقاربة ومتشابهة في مختلف الدول، من أجل متابعة الجرائم بين الدول بجهود متقاربة وإجراءات متفق عليها، مشدداً على أهمية أن يكون التعاون المشترك بين الدول قويا قدر الإمكان لمواجهة مجرمي غسل الأموال والإرهابيين على حد سواء، من خلال إجراءات متشابهة ومتقاربة تحد من تحركاتهم، وتساعد على ضبط جرائمهم، مضيفاً: "ومن هنا تأتي أهمية انعقاد مثل هذه المؤتمرات والندوات، لأنها تسمح لجميع السلطات المعنية من قانونية وأمنية ومالية، بإنشاء خطوط عمل مشتركة، والعمل معا". وفي سؤال عن الدول التي تشهد النسبة الكبرى من جرائم غسل أموال، أشار فرانسوا إلى وجود دول عدة، ولكنه قال "لا أريد أن أذكر أسماء. وعن العلاقة بين غسل الأموال وتمويل الإرهاب، قال فرانسوا إنهما جريمتان مختلفتان عن بعضهما وقريبتان في الوقت نفسه، إذ إن الفرق الكبير بين عمل المنظمة الإرهابية والمنظمة الإجرامية المتخصصة بغسل الأموال، يتمثل في أن المنظمة الإجرامية تعمل من أجل دافع وحيد يهدف إلى الربح المادي، بينما أن المنظمة الإرهابية لا تبحث عن ربح فقط، بل لأهداف سياسية وعقائدية وتدميرية، وهي تحتاج الأموال لتنفيذ ذلك مما يجعلها تلجأ إلى الطرق غير الشرعية.