انتشرت هذه الأيام رسائل التبريك لمن حالفهم الحظ بالموافقة لحج هذا العام ورسائل المواساة أيضاً لمن لم يحالفهم الحظ.. بلا شك أن فضل الحج عظيم وأجره جزيل، والكل يُسارع إلى أداء هذه الفريضة العظيمة، والتي جعلها الله ركنًا من أركان الإسلام، كل هذا في سبيل الفرار إلى الله وطلب المغفرة. وينبغي العلم أن الفرار إلى الله لا يتحقق في الحج فقط، فهو يتحقق في كثير من العبادات، وإنما كان الحج فرصة عظيمة لتحقيق هذا المعنى، فالدعوة إلى حفظ كيان الإنسان وكرامته بأن لا يتجاوز الحدود المسموح بها شرعًا، وفي تعامله اليومي، لأن الإنسان يذنب ويستغفر، ويتجاوز ويطلب السماح، ويخطئ ويعتذر. حجوا إلى الله بتجنب ظلم الناس وأكل حقوقهم، حجوا إلى الله ببر الوالدين وصلة أرحامكم وحفظ ألسنتكم، حجوا إلى الله بحسن تعاملكم وأداء أماناتكم، فالدين المعاملة.. قال أمير المؤمنين: (تنافسوا في الأخلاق الرغيبة، والأحكام العظيمة، والأخطار الجليلة، يعظم لكم الجزاء). فالإسلام دين يخاطب العقل في كل زمان ومكان، إن عبادة الله سبحانه وتعالى، هي الهدف الأساسي، وهنا تكمن ضرورة الإدراك بمعنى العبادة، بأننا لا نختزل العبادة في شعائر دينية محددة، إذ إن الاستقامة في النهج العملي، تحكمها ضوابط التعبد، فجوهر الدين وترجمة هذا الإسلام إلى سلوك حياة، الخوف من الله، محبة الله، الصدق مع الله، الإنابة إلى الله، الخضوع، التذلل، التوبة، يتطلب الأمر منا الحفاظ عليها بمقاييس التقوى الحقيقية. وأخيرًا.. حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور.. تقبل الله من الجميع صالح الأعمال.