يقع بعض المسلمين أثناء أداء مناسك الحج في كثير من الأخطاء أو المخالفات التي تنقص أجرهم وربما أضاعت هذا الثواب وأصبح هذا الحاج وكأنه لم يحج، وذلك عندما يتعلق الأمر بأركان الحج الأساسية التي لا كفارة لها. استطلعنا آراء عدد من الدعاة العاملين في موسم الحج على مدار عدة سنوات وعدد من المهتمين بالعمل الدعوي لمعرفة أكثر هذه الأخطاء والمخالفات الشرعية شيوعاً، وكيفية تلافيها قبل أداء المناسك أو أثناءها؟ * في البداية يقول الشيخ عبدالعزيز بن محمد الحمدان مدير إدارة الدعوة والإرشاد بالرياض: الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة ولما كانت العبادات مبناها على الاتباع للوحيين كان لزاماً على المسلم أن يحرص على هذا الأمر وأن يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم في عباداته كلها ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم من المسارعين إلى الخيرات فإذا سمعوا أو شاهدوا شيئاً من نبيهم صلى الله عليه وسلم سارعوا إلى الاقتداء به ليظفروا بالفوز والأجر، فكانوا لا يقدمون كلاماً على كلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أن المسلمين ساروا على هذا النهج القويم والمسلك الرشيد لصلحت أمورهم واستقامت شؤونهم لكن غلب الشيطان فلبس عليهم وخاصة في أمور عبادتهم فإن الابتداع قد دخل من العبادات في جميع الأنواع وقد أعرض عن الهدي النبوي كل مفرط أو خالط للحق بالباطل مخلط. فأصبحوا يرون أن الذمة تبرأ إذا أدى العبد ما فرض الله عليه دون النظر إلى ما يشوب تلك العبادات من الأمور التي تنافي كمالها أو تنافيها بالكلية. ويضيف الحمدان مناسك الحج من أكثر العبادات التي تقع فيها الأخطاء نظراً لطول زمنها وكثرة أحكامها بالنسبة للعبادات الأخرى كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (وعلم المناسك أدق ما في العبادات). ومن أكثر الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج أو المعتمرين ما يقوم به بعض الحجاج أو المعتمرين من التلبية جماعة بصوت واحد، قال ابن الحاج في سياق كلامه عن التلبية: (ويلبي... لكن ذلك بشرط يشترط فيه وهو ألا يفعلوا ذلك صوتاً واحداً إذ إن ذلك من البدع بل كل إنسان يلبي لنفسه دون أن يمشي على صوت غيره ثم تكون السكينة والوقار مستصحبين معه في كل ذلك لأنه بإهلاله دخل في هذه العبادة فيحتاج إلى الحضور والأدب في كل أحواله حتى يفرغ من حجه لئلا يفوته ما أعد له من الثواب). من الأخطاء التي تتعلق بالتلبية أيضاً ما يعتقده بعض الحجاج من عدم جواز خلو الرفقة من التلبية فيتناوبون في التلبية خشية الوقوع في الإثم، وهذا لا أصل له لأن تلبيته سنة والأفضل للحاج والمعتمر أن يلبي بعد إحرامه بعد أن شرع في السير ولا يقطع التلبية حتى يصل إلى الكعبة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. الفهم السقيم وبعض الحجاج أو المعتمرين يرتكب شيئاً من محظورات الإحرام متعمداً ثم يقوم بأداء الفدية ظناً أنه باقتدائه قد برأت ذمته وهذا فهم سقيم، قال الشيخ عبدالله بن جاسر (وربما ارتكب بعض الناس شيئاً من محظورات الإحرام وقال أنا أقتدي متوهماً أنه بالتزامه للفدية يتخلص من إثم المعصية وذلك خطأ صريح وجهل قبيح فإنه يحرم عليه الفعل وبذا خالف وأثم ووجبت عليه الفدية وليست الفدية للإقدام على فعل المحرّم ولا رافعة لإثمه من أصله كسائر الكفارات ومن فعل شيئاً مما يحكم بتحريمه عمداً فقد أخرج حجه عن أن يكون مبروراً) (مفيد الأنام ونور الظلام 1 - 179). ومن الأخطاء الشائعة أيضاً مكث بعض الحجيج بمكة بعد طواف الوداع وقتاً طويلاً عرفاً، فلا يكون آخر عهدهم بالبيت وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبيّنه لأمته بفعله فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت، ولكن رخص أهل العلم في الإقامة بعد طواف الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلى عليها أو كانت له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع أو انتظار رفقة ونحو ذلك. ومن الأخطاء العظيمة المشاهدة من بعض الحجاج تهاونهم بأداء الصلاة وظنهم أن فضل الحج يكفر هذه المعصية وهذا عين الجهل لأن الصلاة ركن من أركان الإسلام كما أن الحج ركن من اركان الإسلام. كذلك ما يفعله بعض الجهال من الحجاج أو المعتمرين من جلب أشياء كخرق وغيرها يمسحونها بالحجر الأسود بظنهم أنه يصبح بركة معينة وكذلك تمريغ الخدود على الحجر الأسود وكذلك جدران الكعبة والمقام وكذا صخور الصفا والمروة وجبل الرحمة في وسط عرفات إلى غير ذلك من المشاهد والآثار وكل ذلك غير مشروع. وبعض الناس قد يسافر جواً معتمراً أو حاجاً فيتهاون في الإحرام عند الجمهور عند مروره على الميقات بل وبعضهم يؤخر الإحرام إلى أن ينزل في أرض المطار وكلاهما على خطأ ففي مثل هذه الحالة ينبغي لمن أراد الإحرام أن يلبس ثياب الإحرام قبل وصوله إلى الميقات ثم يتلفظ بنسكه عند مروره على الميقات أو يلبس لباس الإحرام قبل ركوبه الطائرة لأن ذلك أحوط له فلعله لا يتمكن من اللباس داخل الطائرة إما لزحام وإما لضيق المكان. ومن الأخطاء الشائعة كذلك: ما يعتقده بعض النساء من أن ثوب الإحرام لا بد له من لون خاص كالأخضر مثلاً وهذا خلاف الصواب لأنه لا يتعين لون خاص للثوب الذي تلبسه المرأة في الإحرام وإنما تحرم في ثيابها العادية إلا ثياب الزينة والثياب الضيقة أو الشفافة فلا يجوز لبسها لا في الإحرام ولا في غيره. وبعض النساء إذا مرت بالميقات تريد الحج أو العمرة وكانت حائضاً أو أصابها الحيض فإنها لا تحرم ظناً منها أو من وليها أن الإحرام تشترط له الطهارة فتتجاوز الميقات بدون إحرام وهذا خطأ واضح لأن الحيض لا يمنع الإحرام فالحائض محرم وتفعله كما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت فإنها تؤخره إلى أن تطهر. ومن أكثر الأخطاء شيوعاً ما يفعله بعض الناس من المزاحمة لاستلام الحجر الأسود وتقبيله وهذا غير مشروع لأن الزحام فيه مشقة شديدة وخطر على الإنسان وعلى غيره وفيه فتنة بمزاحمة الرجال النساء. والمشروع تقبيل الحجر واستلامه مع الإمكان وإذا لم يتمكن أشار إليه بدون مزاحمة ومخاطرة وافتتان والعبادات مبناها على اليسر والسهولة ولاسيما أن استلام الحجر وتقبيله مستحب مع الإمكان ومع عدم الإمكان تكفي الإشارة والمزاحمة قد يكون فيها ارتكاب محرمات فكيف ترتكب محرماً لتحصيل سنة وورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يستلم إذا وجد فجوة فإذا اشتد الزحام كبر كلما حاذاه. ومن الأخطاء أيضاً: تقبيل الركن اليماني وهذا خطأ لأن الركن اليماني يستلم باليد فقط ولا يقبل وإنما يقبل الحجر الأسود، فالحجر الأسود يستلم ويقبل إن أمكن أو يشار مع الزحمة إليه والركن اليماني يستلم ولا يقبل ولا يشار إليه عند الزحمة وبقية الأركان لا تستلم ولا تقبل. ومن الأخطاء العظيمة تلك المتعلقة بيوم عرفة حيث إن بعض الحجاج ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به فمن لم يقف بعرفة وفي وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك). ومن الأخطاء أيضاً: اعتقاد بعض الحجاج أن زيارة المسجد النبوي لها علاقة بالحج وأنها من مكملاته أو من مناسكه وهذا خطأ واضح لأن زيارة المسجد النبوي ليس لها وقت محدد من السنة ولا ارتباط لها بالحج أصلاً فمن حج ولم يزر المسجد النبوي فحجه تام وصحيح. إزالة آثار مشرك * أما الشيخ عبدالرحمن بن محمد الهرفي الداعية بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية فيقول القارئ للتاريخ، وحتى القريب ليجد أن انعدام الأمن من أكبر الأسباب التي كانت تمنع الناس من أداء فريضة الحج، وتعرّض الحجاج عبر التاريخ لحوادث كثيرة من سرقة وقتل، حتى كان الحاج ليودعه أهله وداع المقاتل، ويفرحون بعودته كمن بعث بعد موته. ولكن الله تعالى منّ على المسلمين بأمان بيته المعظم منذ تولي الملك عبدالعزيز، وكان من أجل أعماله إزالة آثار الشرك كالقباب، والأضرحة التي تعبد من دون الله تعالى. وأن من أعظم النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين هو نشر العلم بين الناس خاصة في موسم الحج الذي يجتمع فيه عدد كبير جداً من المسلمين من أصقاع الأرض ملبين دعوة الخليل ابراهيم، {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (الحج 27). وأي عمل من اعمال الشريعة بلا علم وبال على صاحبه، لذا قدم الله تعالى العلم قبل العمل في قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (محمد:19)، وكثير من الأخطاء يقع فيها الحاج من جهة جهله بالمناسك، ثم إذا وقع في الخطأ بدأ البحث عن حلول من كفارات ونحوها، وقد تكون بعض الأخطاء لا كفارات لها. ويضيف الشيخ الهرفي: ومن الأخطاء التي يمكن إعادتها ما دام الإنسان في أيام الحج، ومكة - حرسها الله - ومنها عدم الرمي في المرمى أو بجانبه على أقل تقدير، ومن اللطائف أن أحد الإخوة من الحجاج بدأ الرمي بالصغرى يوم النحر، ثم صار يرمي بعد ذلك من الكبرى، إلى الصغرى!! فكان كمن لم يرم أصلاً. وهناك أخطاء لا بد لها من كفارة ومنها على سبيل المثال أن المرأة الحائض أو النفساء لا تحرم من الميقات لظنها أن الطهارة شرط للإحرام والصحيح أنه لا تشترط للطهارة إلا الطواف فقط. أما الأخطاء التي لا كفارة فيها، ولا بد من إعادة الحج باتفاق العلماء هي عدم الوقوف بعرفة، ومن ذلك أن مجموعة حجوا مع صاحب حافلة - وأحسن ما يقال عنه إنه جاهل - فلما حاذوا عرفة أقعدهم خارجها مدعياً أن ذلك أسرع لهم لسبق الناس إلى مزدلفة، وبقوا كذلك ولم يدخلوا عرفة ولو للحظة واحدة!! ومن الطرائف أن امرأة سألت عن أعمالها في الحج فقالت: الحمد لله، كل يوم أطوف وأسعى، والحج سهل!!! فلم تنتقل بين المناسك، ولم تفعل شيئاً مما يجب على الحاج فعله. وهناك من يقع في أمور هي من وجهة نظره سهلة، كمن ذكرت أنها طافت خمسة أشواط لطواف الإفاضة ثم غادرت مكة - حرسها الله - للحاق برفقتها، وقد تركت باقي طواف الحج وسعي الحج، ومنها أيضاً من جاء بنية التمتع وهو لا يفهم نسك التمتع فلم يأت بطواف العمرة ولا سعيها، لاختلاف نسكه عن نسك رفاقه، ثم يبحث عمن يفتيه في فعله هذا. وكل هذا في التروك، أما العمل الوحيد الذي عمله فقد أبطل حجه فهو الجماع في عرفة، وقد ذكر لي أحد المشايخ المفتين في الحج ان سائلاً سأله أنه جامع في يوم عرفة ابتغاء بركة الولد في عرفة!! فأبطل حجه وأغضب ربه، جهلاً منه. التلبية بصوت جماعي * ويرى الشيخ محمد بن مطخان الرويلي عضو الدعوة والإرشاد في الجوف أن من أجل العبادات وأشرفها التي يغسل الله بها الخطايا ويمحو بها الأوزار هي عبادة الحج كما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من حجه كيوم ولدته أمه) لكن كم من الناس من يضيع هذا الفضل العظيم فتجده يحج ولا يتحقق المقصود من هذه الفريضة العظيمة بسبب الوقوع في أخطاء تؤثر على الحج إما ببطلانه وإما بنقصان أجره ويمكن تقسيم الأخطاء التي يقع فيها الحاج إلى قسمين كما يلي: أ) الأخطاء التي تكون متعلقة بأصل العبادة (بأفعال الحج). ب) الأخطاء السلوكية التي يقارفها الحاج وتنقص أجره. ومن الأخطاء المتعلقة بأفعال الحج: ما يحصل من كثير من الحجاج من البدع والشركيات ودعاء الأولياء والصالحين ودعاء أهل القبور وهم في مناسك الحج، ومن المعلوم أن كل عمل خلا من الاخلاص لله تعالى فهو مردود على صاحبه. وهناك من الحجاج من يسافر عن طريق الجو ولا ينتبه لمحاذاته الميقات ظناً منه أو الإحرام يكون عند النزول من الطائرة وبعضهم يعتقد أن جدة تعتبر ميقاتاً لغير أهلها من الآفاقيين وهذا خطأ بل يجب الإحرام عند محاذاة الميقات ومن الحجاج من يعتقد أن ملابس الإحرام لا يجوز تغييرها إذا اتسخت فربما بقيت عليها النجاسة وهو يزاول أنواع العبادة من صلاة وطواف ونحوها وهذا من الجهل بل يجوز لحجاج أن يبدل ملابس الإحرام بغيرها إذا رغب في ذلك أو أصابها الوسخ. كذلك ومن الحجاج من يعتقد بوجوب صلاة ركعتين عند الميقات حال الإحرام وأنه لا يصح الإحرام إلا إذا صلى ركعتين، وهذا خطأ. ومن المخالفات الشائعة التي يقع فيها الحجاج التلبية بصوت جماعي وهذا من الأمور التي لم تعهد عن السلف من الصحابة والتابعين بل المشروع ان يلبي كل حاج على حدة كذلك فإن من الحجاج من يعتقد وجوب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر على ميقات ذي الحليفة بل بعضهم يقصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم دون المسجد وهذا غير مشروع بل من البدع، والمشروع هو قصد المسجد للصلاة فيه ولو زار المسلم القبر وسلم عليه دون حصول دعاء وتوسل أو طلب للنبي شيء من خصائص الله فلا بأس. ومن الأخطاء الشائعة أيضاً أن بعض الحجاج إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي فإنه يكمل الطواف أو السعي وربما ترتب على ذلك فوات ركعة أو أكثر من شدة الزحام والأولى به: أن يصلي مع الإمام ثم يكمل ما تبقى عليه من أشواط. ومن المخالفات العظيمة التي يقع فيها بعض الحجاج في يوم عرفة أنهم ينصرفون قبل غروب الشمس إما جهلاً منهم وإما خوفاً من الزحام، وهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو من عمل الجاهلية بل الواجب البقاء حتى تغرب الشمس، كذلك من المخالفات الواضحة ما يحصل من بعض الجهال في رمي الجمار من صراخ وسب وشتم وعنف معتقدين أن مكان الرمي هو الشيطان بزعمهم وربما حصل الرمي بأشياء لم يأت بها الشرع كالنعال والخشب. زمزم للحائض ويضيف الشيخ الرويلي ويدخل في ذلك أيضاً بعض المخالفات التي تقع من النساء ومن ذلك اعتقاد بعض النساء ان الإحرام من الميقات للحائض لا يصح ظناً منها أو من وليها أن الإحرام تشترط له الطهارة فيحصل تجاوز الميقات دون احرام، والصواب هو ان تحرم المرأة ولو كانت حائضا لأن الحائض تفعل كل ما يفعل الحاج غير ألا تطوف بالبيت وهناك من النساء من تعتقد ان للإحرام ثوباً خاصاً له لون خاص وهذا خطأ بل للمرأة ان تحرم بثيابها العادية غير متبرجة بزينة. كذلك فإن من النساء من تحرم وهي متنقبة وهذا من محظورات الإحرام وفي الحديث: (لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين) ويكون عليها بدل النقاب غطاء صفيق بحيث إذا مر بها الرجال الأجانب غطت وجهها. أما من الأخطاء السلوكية التي يقع فيها الحاج فمنها عدم اختيار الصحبة الصالحة في السفر للحج التي تكون على بصيرة فكثير من الناس قد يحج مع أناس من العوام ليس لديهم بصيرة بأحكام الحج أو أنهم اعتادوا أن يحجوا بطريقة معينة وفيها مخالفات شرعية كثيرة، وربما يقارفون بعض المحرمات والمعاصي أثناء ذهابهم لأداء هذه العبادة العظيمة. كذلك فإن بعض الحجاج قد يتعمد إيذاء غيره في مواطن الازدحام وربما دخل في بعض الأماكن وكأنه في مشاجرة ومصارعة فيتأذى الضعفاء من هذا الحال. ومن الحجاج من يطلق بصره في الحرام ولا يغضه عن الفتن والله جل وعلا يقول: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فتجده يطلق لبصره العنان في النظر للنساء وهذا من الأمور التي تنقص الأجر وتذهب بالمقصود منه. ومن المخالفات المنتشرة أن بعض الحجاج ربما يتعرض للأذى في مواطن الزحام وفي غالب الأحيان يكون الأذى غير مقصود فتجده يسب ويشتم ويتكلم على شخص غير معين تعرض له بالأذى والأولى بالحاج أن يحفظ لسانه عن الكلام الفاحش البذيء والسيئ، كذلك فإن من المخالفات الشائعة التي كثرت في هذا الزمان هو ما يحصل من التبرج والسفور من بعض الناس - هداهن الله - فتأتي الواحدة من أجل العبادة فتكسب أوزاراً وآثاماً بسبب إظهار شيء من مفاتنها. أخطاء قولية واعتقادية * أما الأستاذة نوال الشافعي المعيدة بقسم الدراسات الإسلامية بكلية البنات بضباء فتقول الحج المبرور هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم، وقد كملت أحكامه فوقع على الوجه الأكمل وقيل هو المتقبل، ولما كان لهذه الشعيرة فضل عظيم ونظرا لطول زمانها وكثرة أحكامها وقع من بعض الحجيج مخالفات كثيرة إما جهلاً وإما اعتقاداً ويمكن تلخيص أبرز هذه المخالفات كما يلي: 1) أخطاء الإحرام: التي من أهمها ترك الإحرام من الميقات وتأخيره إلى الوصول إلى جدة!! وأكثر من يقع في هذا الخطأ هم القادمون عن طريق الجو من بلدان أخرى دون التنبه إلى وجوب الكفارة لمن فعل ذلك. 2) أخطاء الطواف: من أهمها جعل الكعبة في الخلف أو الأمام أو عن اليمين أثناء الطواف وهذا خطأ عظيم جداً لأنه مخالف لشروط صحة الطواف وهو أن يجعل الكعبة عن يساره.. وعلى هذا لا يصح طوافه كما أن بعضهم يبتدئ الطواف من عند باب الكعبة.. ولا يبتدئه من عند الحجر الأسود والذي يفعل هذا لا يعتبر متمماً للطواف. 3) أخطاء الوقوف بعرفة: بعض الحجاج ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون إلى مزدلفة.. ويعتبر هذا خطأ كبيراً جداً وفادحاً لأن من يفعل ذلك ليس له حج!! 4) أخطاء رمي الجمرات: ومن أبرزها الرمي قبل الزوال وهذا لا يصح، كذلك رمي جميع الحصى دفعة واحدة وهذا خطأ؛ لأن من يفعل ذلك لا يحتسب له سوى حصاة واحدة. 5) أخطاء المبيت بمزدلفة فبعض الحجاج ينزلون في مكان ليس من مزدلفة وهذا أمر خطير لأن من فعل ذلك فقد فاته المبيت بمزدلفة وهو أمر واجب. وتضيف الأستاذة نوال الشافعي وإضافة إلى تلك الأخطاء والمخالفات الفعلية فهناك أخطاء ومخالفات. - أما قولية: كالتلفظ بالنية، وتخصيص السعي بأدعية لكل شوط، وعدم رفع الصوت بالتلبية، أو التلبية بصوت جماعي، كذلك الغيبة والنميمة والسب والشتم وخاصة أثناء الزحام. - أو اعتقادية: اعتقاد بعض النساء أن لثوب الإحرام لوناً خاصاً أو الاعتقاد بوجوب صلاة ركعتين عند الإحرام أو رؤية الجبل في عرفة وتكلف مشقة وعناء الصعود عليه. وتجنب الوقوع في هذه الأخطاء والمخالفات التي لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم والمخالفة لهديه في أداء هذه الشعيرة العظيمة، ويكون بالتأسي بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وتجنب مثل هذه الأقوال والأفعال ليكمل حجه ويسلم من النقص كذلك فإن على كل من علم بأركان وواجبات الحج إسداء النصيحة لإخوانه المسلمين عملاً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الحجة والدليل من جانبه يقدم الشيخ محمود بن مختار الشنقيطي الداعية بمركز الدعوة والإرشاد بمكةالمكرمة عدة مقترحات لمعالجة أخطاء الحجيج منها: تنويع دعاة التوعية في الحج لوسائل طرق موضوع أخطاء الحاج، وعدم الاقتصار على الأسلوب التقليدي (أسلوب إملاء الصواب وإصدار أوامر بترك الخطأ). فمثلاً يمكن إدراج التنبيه على الأخطاء العقدية مثل التبرك بالآثار غير الشرعية يمكن إدراجه ضمناً في الحديث عن أثر عمر (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) ويمكن كذلك التنبيه عليها من خلال عرض قصة ابراهيم وأمر الله له بذبح ابنه اسماعيل فتغلب على عاطفة الأبوة حين حالت بينه وبين امتثاله أمر الله تعالى وهكذا الحاج ينبغي عليه أن يتغلب على شدة شوقه ومحبته للنبي صلى الله عليه وسلم فيقتصر على الوارد المشروع ولا يجعل الشوق والعاطفة وحدهما يقودانه إلى زيارة أماكن غير مشروعة مثل زيارة مكان ومحل مولده صلوات الله وسلامه عليه تعبداً وقصد الدعاء والصلاة فيه. - عدم الربط بين الخطأ والمخطئ فإذا فصل الداعية بينهما استطاع أن يصل إلى التغيير كما فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين طلب الإذن بالزنا وبين الشاب نفسه في حديث الشاب عند الترمذي بسند صحيح، فليس كل خطأ من الحاج سببه التعنت وتعمد فعل الخطأ والإصرار على ارتكاب البدعة ومخالفة الشرع. - ألا يُشِعر الداعية الحاج بالوصاية على دينه وعقله - خاصة مع الانفتاح والبلبلة في هذه الأيام - فمن إشعاره باحترام قناعاته وعلمائه وما عنده من الشبهات أن ندلي له بالحجة والدليل ونتحين الفرص للعرض المؤصل الرصين والجواب عما نتوقعه عنده من الشبهات والتلبيسات التي يمكن أن تحول بينه وبين قبول الحق، فمن فوائد إشعاره بعدم الوصابة عليه ألا يشعر باتهام مصادره والطعن فيها جملة بل ولو أشعر بالتماس العذر لهم لكان ذلك أجدى وأنفع في توجيهه نحو الصواب. - الاهتمام في التوجيه والنصح بعرض أقوال العلماء الذين يثق الملتقي فيهم سواء من علماء الأمة السابقين أو المعاصرين وهذا يعزز الثقة عند الحاج. - مما يشوش على بعض ويؤثر على تلقيه للتوجيه، تسمية خطئه بتسمية ينفر منها ويشمئز منها وتعميه عن سماع ما يأتي من الداعية، فلا يلزم حال الدعوة والتوجيه أن تسمي الخطأ بدعة أو المعصية فسقاً، ونصوص الكتاب والسنة تدل على هذا الأصل من التنزل في التسمية حال الدعوة التي لا تغير من الحقيقة شيئاً. - التركيز في دعوة المخالفين على التوجيه غير المباشر بدل أن يكون عنوان الكلمة الزيارة البدعية أو الشرك وأنواعه يأخذ آية أو حديثاً ويشرحه مع ربطه بواقعهم وخطئهم ضمناً، والنظريات الحديثة اليوم تثبت تفوق وفاعلية التوجيه غير المباشر وتؤكد بقاءه مع المتلقي زمناً أطول سيما إذا أخذنا في الاعتبار ما يشوش به بعضهم على الحجاج وينفرهم به عن السماع والتلقي من الدعاة. - التعاون مع من يحمل هم الدين وهم توجيه الحجاج - وما أكثرهم والحمد لله - في السفارات والقنصليات والمكاتب السياحية لتوعية الحجاج في بلده وجعله من شروط أخذ التأشيرة اجتياز الدورة الارشادية. - تكثيف عدد المرشدين وزيادة أعداد المتعاونين منهم مع الحملات تحت إشراف الوزارة أو هيئة الأمر بالمعروف أو وزارة الحج لتنبيه الحجاج على كل مخالفة في حينها وفي نفس المكان حتى ولو لم يكونوا من أهل الفتوى وهذا قد يجدي مع عامة الحجاج الذين تصدر منهم هذه المخالفات عن جهل ويمكن الاستفادة من خريجي الكليات الشرعية في ذلك. - إقامة معارض متنقلة تزود بالصوت والصورة والوسائل الحديثة واللوحات يستفيد منها الحاج وتساعد في التوعية وتلافي هذه الأخطاء. - التركيز من قبل المترجمين العاملين في الحج مع الجهات الرسمية على هذه الأخطاء الشائعة وتوعية الحجيج بخطرها. - مراعاة قواعد وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي وضعها العلماء ودلت عليها نصوص الكتاب والسنة مثل مراعاة عدم تصحيح خطأ يغلب على الظن وقوع وتحقق خطأ أكبر منه إذا زال ذلك الخطأ فيترك التصحيح هنا ويكتفى بمراعاة الأصلح وأخف الضررين. - مراعاة مرتبة الخطأ وفق الأولويات الشرعية والبدء بما هو آكد وأهم في الشريعة وفق التدرج لدى الحاج ومدى تقبله للتصحيح كما هو معروف ومقرر في فن الحسبة.