يقول: تساءلت عن وجود شيء قد يغير علينا ضوضاء الحياة، ويكفينا شر التشتت والقسوة التي نواجهها في حياتنا اليومية المعتادة، بحثت كثيرًا عن أحد الأسباب التي تمنحنا التفاؤل والرضا في كل يوم نستيقظ به حتى يكون لنا الدافع الأسمى في مواجهة كل ما حولنا، استطرد قائلًا: و جدت ذلك الحساب المختلف، الذي من خلال إشتراكك معه سيرسل إليك رسالة تفاؤل يومية تجعلك سعيدًا بعض الشيء، فوقفت مذهولًا، هل من الممكن أن يلجأ الإنسان للتقنية ليشعر ببعض الدفء والحنان اللذان كانا من خصال الإنسان سلفا أيُحبط الإنسان بسبب برود كل ما حوله من كائنات..؟ أيشعر في حياته بأن لا أحد هنا، وكل القريبين أبتلعتهم الأعاصير ورحلوا بعيدا..؟ لقد وصلت إلى أن التقنية أصبحت البوصلة الذي يدلك الطريق إن مللت كل شيء قاس في هذا الوجود لقد مضى العمر ونحن نبحث عن القلة الذين يسعوا ليطببوا جراح قلوبنا، ويمنحونا بعضا من وقتهم ليقولوا شيئا يساعدنا على تجاوز المر، وينهي الظلام الطويل الذي طال. لوهلة تراهم كالجماد لا ينطق، وإن نفخ الله فيهم الروح مدوا لك كل شيء، ليس ليجعلوك سعيدا بل ليكسروا كل ذرة أمل بداخلك، فيمطروا عليك بأفواههم شهبا لا تحتملها نفس، ويمدوا أيديهم ليس لينتشلوك من أحزانك، بل ليقدموا لك صفعات أخرى تزيدك قهرا. يمضي العمر كاشفا أن من حولك برودهم قارص، وجودهم ظلام وفراغ لا يُكمل لك شيئاء بل يقتلك. ابتسمت طويلًا وأنا أفكر بحديثه الذي ملأه الأسى والحزن، ثم سألته، هل فعلاً التقنية أصبحت أحن علينا من أقراننا الذي يحملون مشاعرنا نفسها.. ؟ ضحك ضحكةً ساخرة وقال: لقد أصبحت التقنية أرق من بني البشر، وملأت وحدتنا وباتت هي السند والمفر، إنها النجاة من تيهك، المالِئة وحدتك، والإجابة لكل حيرة في حياتك. سألته: أيعقل أن تداوي التقنية جراحنا والإنسان لطالما تباهى ببلاغته وذكائه ومشاعره...؟ فقال: غاب كل هذا في زمن الصخب النفسي، أصبحت وسيلتنا في التشافي ونسيان الألم والحنظل في أيامنا هي التقنية، فالأفواه التي نراها حولنا بكماء لا تنطق ولا تمطر المشاعر مطلقا.