نعيش على وجه تلك الأرض بحالات نمر بها وتختلف في اليوم الواحد من شخص لآخر تجد من هناك حالته متقلبة ومن هو ثابت ومن هو بين تلك وذاك. يعتبر الحزن أحد أهم الأشياء التي تنغص حياة الإنسان فلقد عرف بأنه شبيه للهم وهو عكس السعادة ويعتبر الحزن ألما نفسيا يصيب الفرد بالبؤس والعجز وفي بعض الأحيان تتفاقم الحالة ويتحول إلى خمول وكسل وعدم القدرة ونفاد الطاقة. تعتبر مشاعر الحزن مشاعر سلبية لا مفاد منها بل هي تحمل الضرر الكبير للشخص ومن حوله من أهله وأصحابه، وهي أيضا هلاك لصحة الفرد ويعتبر الحزن في بعض الحالات مرض اكتئاب وهو مرض يصيب العديد من الأشخاص حول العالم وله طرق ووسائل لعلاجه. إن الظروف المحيطة بالفرد هي التي تتحكم في ذلك الأمر ومن خلال الشعور بالرضا، وعدم الرضا لدى الفرد هو المحرك الأساسي فيما يعرف بحالة الحزن، ولكن هناك من الأفراد من يستطيع الخروج من أزمته ومنا من لا يستطيع ويقع تحت نطاق الحزن. لو لاحظنا الآيات القرآنية في هذا الأمر فهي تحث على عدم الحزن ومنهي عنه في قوله تعالى ((وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) وهذه الآية كفيلة بأن توضح الكثير والمراد من ذلك فهي تحثنا على عدم الحزن وعدم الانخراط فيه. يقول ابن القيم - رحمه الله -: لم يأت الحزن في القرآن إلا منهيا عنه في قوله تعالى ((فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)) إن سر ذلك الحزن لا مصلحة فيه للقلب وأحب شيء إلى الشيطان أن يحزن العبد المؤمن ليقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه، وقد استعاذ منه النبي - صلى الله علية وسلم - حيث قال: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن» لذا يقول ابن القيم في كتاباته: الحزن يضعف القلب ويوهن العزم ويضر الإرادة ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن؛ لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله وثقوا بما عند الله وتوكلوا عليه وستجدون السعادة والرضا في كل حال. إن التفاؤل لا بد منه كما أوصانا ديننا في معظم المواضع، فيجب علينا جميعا ترك الحزن الذي فيه الضرر واللجوء إلى الله - عز وجل - بالتفاؤل، وبما أن الأمر فيه فرح للشيطان عندما يحزن العبد فيجب علينا مجاهدة أنفسنا في حالة وقعنا في أمر محزن ونصبر أنفسنا ونعود إلى الله بالتفاؤل. يسترسل الإمام ابن القيم في موضوع الحزن بكلام جميل حين قال: لا تفسد فرحتك بالقلق ولا تفسد عقلك بالتشاؤم ولا تفسد نجاحك بالغرور ولا تفسد تفاؤل الآخرين بإحباطهم ولا تفسد يومك بالنظر إلى الأمس. لو تأملت في حالك لوجدت أن الله أعطاك أشياء دون أن تطلبها، فثق أنه لم يمنع عنك حاجة رغبتها إلا ولك في المنع خير. خلاصة القول: كن صاحب قلب يتنفس بالرضا والقناعة قدر المستطاع ودائما توجه إلى رب العباد فإن الحياة قصيرة ولا تستدعي منها انشغالا بهموم وحزن فاملأ حياتك بالسعادة والفرح وتفاءل بالخير تجده أمامك.