ضمن عناية المستشرقين بالدراسات الإسلامية وما يتعلق بالقرآن بوجه خاص قرر المجمع العلمي البافاري في ميونخ بألمانيا جمع المصادر الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه وضبط قراءاته لنشرها، فتولى المستشرقُ الألمانيُّ برجشتراسر (1886-1933م) ذلك، وأنشأ متحفاً خاصاً للقرآن الكريم في جامعة ميونخ، أتمه من بعده المستشرق بريتسل(1893-1941م). وهذا المتحف يضم: 1- الصور الشمسية لسائر مخطوطاته في أرجاء العالم. 2- آلاف النسخ من المخطوطات باليد من جميع العصور، حتى لو كانت ورقة واحدة. 3- المطبوعات الخاصة بتفسير القرآن وعلومه لكل آية من علبة خاصة، مع تفسير كل مفسر لها من عصر الصحابة إلى اليوم. فجمع ذلك المتحف بين تطور الخط العربي وصناعة القراطيس من بدايتها على العظم وسعف النخل وورق البردي، وبين صناعة الورق الحديث، وتزيين التجليد بالنقوش الذهبية والملونة. والمستشرق برجشتراسر استمع في القاهرة إلى القرآن الكريم من أحد القراء المشهورين، فذهب إليه ودون أنغامه بالنوتة [معجم أسماء المستشرقين ليحيى مراد 152]. فله عناية في آثاره بالقرآن ولغته. وقد ذكرَ نَجيبُ العقيقيُّ (المستشرقون 3/536) أن هذا المتحف الذي أنشأه (قد أصيب في الحرب العالمية الثانية). وكان من آثار هذه العناية بجمع مخطوطات القرآن والدراسات القرآنية، نشر الكتب الآتية: • التيسير في القراءات السبع للداني. • المقنع في رسم مصاحف الأمصار للداني. • مختصر الشواذ لابن خالويه. • المحتسب لابن جني. • غاية النهاية لابن الجزري في تراجم القراء. ولا تزال تلك الطبعة هي الوحيدة للكتاب مع أهميته وحاجة الباحثين إليه. • معاني القرآن للفراء. • الإيضاح في الوقف والابتداء لابن الأنباري. وغيرها من المصادر المهمة. وسؤالي: هل ما يعنيه العقيقي من إصابة هذا المتحف هو تلفه بكامله، أم مجرد خسائر قليلة لحقت ببعض أجزائه؟ وما أخبار هذا المتحف اليوم؟ إن فكرة هذا المتحف فكرة بديعة، والمسلمون أولى بالعناية بالقرآن الكريم، وجمع مخطوطاته ودراستها وتدريسها في المراكز العلمية الأكاديمية للتدريب على قراءة خطوط المصاحف القديمة، ومعرفة تطور الخط العربي معرفة تطبيقية تعين على نشر المعرفة بها، وجعلها في متناول الجميع. فإنك لا تكاد تجد من يحسن قراءة مخطوطات القرآن الكريم بين الباحثين المسلمين في زماننا هذا.