"نسرين" عروس عشرينية، تلقت خلال الشهر الأول من زواجها ما يقرب من 40 رسالة SMS على هاتفها المحمول في اليوم الواحد، تتحدث عن أمور دقيقة في حياتها الزوجية، وتهددها بنشر صور لها عبر مواقع الإنترنت، مما جعلها تخبر زوجها. الزوج اعترف لزوجته أنه على علاقة بامرأة، وأن هذه السيدة بمجرد علمها بزواجه قررت الانتقام منه بإرسال هذه الرسائل. وبعد جدال طويل قررت سامية طلب الطلاق، وحصلت عليه بعد شهرين فقط من زواجها" ، تقول "بعد أن حصلت على الطلاق تقدمت بشكوى لشرطة منطقة الرياض، وتم استدعاء طليقي للتحقيق معه، ولا تزال القضية بأروقة هيئة التحقيق والادعاء العام، ولكن.. ما ذنب طفلي المقبل للحياة بعد عدة أشهر؟". وهكذا تتسبب رسائل عابثة عبر الأثير في طلاق أزواج، وتدمير أسر وتشويه سمعة أبرياء، يطلقها أناس ألفوا التخفي، ظنا منهم بأنهم قادرون على خداع من حولهم، والتستر خلف رسائل SMS مجهولة المصدر، في ظل غياب وقفة جادة من الجهات المختصة. بدورها تؤكد أم صهيب، أنها تحتفظ بنحو 300 رسالة SMS، من طليقة زوجها تتضمن تهديدا صريحا لها بقتل ابنها، والدعاء عليها، والتهكم بها وبنسبها، وتضيف "قمنا بتوثيق تلك الرسائل بقسم شرطة الكعكية بمكة المكرمة، ولا تزال القضية رهن هيئة التحقيق والادعاء العام". ولم تسلم من تلك الرسائل، المعلمة بالمرحلة الثانوية نوال أحمد، التي تلقت رسائل مهينة من إحدى زميلاتها في العمل، حيث قالت "في البداية اعتقدت أنها غيرة معلمات، غير أن الرسائل زادت، وأصبحت تصلني بمعدل 5 – 7 رسائل يومية، مما أثار غضبي، وتوجهت لمديرة المدرسة لتضع حلا لذلك، خاصة وأن الرسائل تتناول أمورا وحوارات دارت بإدارتها، وتتضمن سبابا شخصيا لي وقدحا في ذمتي، إلا أن المديرة تجاهلت الموضوع، مما دعاني للانتقال لمدرسة أخرى، غير أن الرسائل لم تتوقف حتى بعد انتقالي". من جانبه قال الناطق الإعلامي بشرطة العاصمة المقدسة المقدم عبدالمحسن الميمان، "في مثل الحالات السابقة يتم ضبط وإحضار مرسل رسائل الجوال، وتتم إحالته لهيئة التحقيق والادعاء العام للدائرة المختصة بحسب نوع الرسائل، فرسائل التهديد بالقتل تحال لدائرة النفس، ورسائل الشتم والقذف تحال لدائرة العرض والأخلاق". وأوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي ل"الوطن" أن المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا أو ما في حكمها، وكذلك التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة، من الأفعال المجرمة وفق نظام مكافحة جرائم المعلومات الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 وتاريخ 8 / 3 / 1428 ". وأضاف أن المادة الثالثة من النظام حددت عقوبة السجن مدة لا تزيد عن سنة وغرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما حددت المادة الثالثة عشرة عقوبة مصادرة الأجهزة، أو البرامج، أو الوسائل المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النظام، وإذا تضمنت الجريمة تهديدا بنشر صور شخصية، أو تم نشرها بواسطة مواقع الإنترنت فعلاً فإنها تكون من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف وفق قرار وزير الداخلية المحدد للجرائم الكبرى، ويكون هذا الفعل مدعاة لتشديد عقوبة السجن على الجاني، التي قد تصل أحياناً إلى السجن ثلاث سنوات". وحذر المالكي المستهترين الذين يستخدمون هذه الرسائل بأن القضاء يتشدد في هذه الجرائم حماية لأعراض الناس، ومنعاً لانتشار هذه الجرائم، خاصة وأن وسائل التحقيق متطورة جداً وقادرة على كشف أصحاب هذه الرسائل، والتحقق من هويتهم وتقديمهم للقضاء". وفي سياق متصل، أكد استشاري الطب النفسي في مستشفى حراء العام بمكة المكرمة الدكتور رجب بريسالي، أن "أساليب الالتفاف والخديعة والتخفي من سمات الشخصية السيكوباتية، وهي من الشخصيات الخطيرة على المجتمعات، وعادة ما يكون لديها الرغبة الأكيدة في إيذاء الناس، بطرق ملتوية للوصول إلى أهداف شخصية، كتخريب بيوت الآمنين، أو تشويه سمعة الناجحين في الحياة". وأضاف أن "الشخصيات السيكوباتية من الشخصيات الأكثر تعقيداً وهناك صعوبة في التعرف على صاحبها، حيث إن السيكوباتي يجيد تمثيل دور الإنسان المتزن في مجتمعه، وله قدرة على التأثير على الآخرين، والتلاعب بأفكارهم، غير أنه في واقعه يتلذذ بإلحاق الأذى بمن حوله، للتنفيس عن مشاعر الحقد والكراهية للضحية، وقد يلجأ لأعمال لا أخلاقية، أو ألفاظ متبذلة ظنا منه بأنه قادر على التخفي، وقد تصل درجة الايذاء إذا لم تحقق هذه الشخصية هدفها الدنيوي، إلى اضطرابات نفسية تصل به إلى حد الانتحار". ويرى بريسالي أن "بعض النساء في مجتمعاتنا الشرقية الذكورية يلجأن كثيرا لهذه الأساليب، والمكائد، وإن عدنا لتاريخ هذه الشخصيات نجدها تنحدر من أسر مفككة، وحياتها مليئة بتجارب الفشل، والتخبط، بعيدة عن الوازع الديني أو الضمير".