ينتابني شعور بالاستياء عندما أجد امرأة تغالي في نسويتها، أو في مقارنة مجتمعها بمجتمع آخر، أو مطالبتها بالمساواة المطلقة التي تنافي ما هو أسمى من المساواة، وهو العدل. تشعرني المرأة العربية بالغثيان حينما تقارن نفسها بالمرأة الأجنبية التي هي أقل شأنا منها، وذلك لأن المرأة العربية تجتمع فيها صفات كثيرة، منها الجمال والأنفة والصبر والحياء والكرامة، بينما نادرا ما تجد امرأة أجنبية تجتمع فيها هذه الصفات. تشعرني النسوية «الحديثة» بأن العالم مضطرب، وأن الرجال كلهم منحرفون، بينما الحقيقة أنها تعلم في قرارة نفسها أن العالم متزن، وأن الرجال يختلفون، ولكن حب الظهور وحب الشهرة جعلاها تصدق كذبتها. أنا لست ضد النسوية «السابقة» التي خرجت في فرنسا؛ لتخليص المرأة من العبودية، ولست ضد النسوية في ألمانيا التي خرجت لتعليم المرأة، ولكنني ضد النسوية «الحديثة» التي ولدت في الغرب وكبرت في الشرق، والتي جردت المرأة من جوهرها في كونها كائنا لطيفا إلى كائن غليظ، ومن كائن طبعه الخجل إلى كائن طبعه التهكم على الرجل بمصطلح «الذكورية». في النهاية ما أود قوله: إن الحركة النسوية في السابق كانت لبناء الذات وترسيخ القيم، أما الحركة النسوية (الآن) فهي أداة لهدم الذات والرجوع إلى العدم.