نحن العرب نريد أن نكون رقما صعبا في هذا العالم الذي تموج تضاريس خريطته كموج البحر العاصف، ويجنح أهله إلى التكتلات بكل تصنيفاتها السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، في محاولة لبناء عمق إستراتيجي وخلق منطقة التقاء تجمع هذه الدول عند الحاجة للاجتماع. في ظل ذلك نبقى نحن العرب أكثر شعوب الأرض في تعدد نقاط الالتقاء، حيث اللغة والدين والعادات والتقاليد تصل بنا إلى الحد المثالي للوحدة، وتختصر لنا طريقا للقمة، فيما هو ينوء بالآخرين. وحيث إنني عربي فإن جوانح نفسي تمتلئ بمشاعر العزة والفخر كوني أنتمي لهذه الأمة، ويتعاظم هذا الشعور ويكاد يسع الأرض بأكملها عندما يتبادر إلى ذهني بيت الشعر الذي لا أظن أن عربيا واحدا أميا كان أو متعلما إلا وخطر هذا البيت على ذهنه أو خط في دفتره حيث إن: بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغداني) لم تعد ذات بال مع كثير الأسف، حيث غدت كلمات على الورق، وحروفا تثلمت أطرافها لينكسر صدر البيت كسرا مضاعفا وينز من عجزه صديد تفوح رائحته على صفحات الجرائد، ونحس بلزوجته وهو يتسرب عن طريق أجهزتنا الإلكترونية وعبر مواقع الإنترنت ومنتدياتها، والتي عملت على تجلية حقائق لا بد من الوقوف عندها ومحاولة التعرف على أسبابها والمسارعة في علاجها وبترها إن أمكن، أو على الأقل التخفيف من أوارها المتقد. لقد كشفت الشبكة العنكبوتية أن البيت العربي بات أو هو على وشك أن يكون بيتا واهن الأعمدة هشها تنخر في أساساته موجة من البكتيريا المختفية والتي لن ترى إلا بعد أن تتهاوى جدر هذا البيت. إن ما يحدث في السوشيال ميديا بكل تفرعاتها لأمر يندى له جبين كل محب لهذا التراب والذي تحول إلى رمال متحركة قد تبتلعنا جميعا غير مميزة لوطني أو عميل. تراشق للتهم وإهانات تطال شعبا بأكمله جراء موقف فردي لشخص غير مسؤول، كيل الاتهامات يمنة ويسرة للحكومات وتحميلها تبعات الذي يحدث شرقا وغربا، التقليل من قيمة بعض الشعوب ومحاولة تهميش منجزاتها الثقافية وإسهاماتها في رقي المجتمعات العربية وركنها في زاوية المال فقط!، محاولة النيل من رموز هذا البلد أو ذاك لزعزعة الثقة بهم ومحاولة تشويه صورة القدوة ونزعها من إطارها لوضع صورة أخرى. ومما يزيد الأمر سوءا كون الغالبية العظمى لمستخدمي الإنترنت هم من الشباب اليافعين من الجنسين مما يعني نشأتهم على هذه الأساليب الرخيصة ومحاولة التقليد وعدم قدرتهم على تغليب جانب العقل وتمحيص الأمور. إنني وعبر هذه الكلمات أطالب الجامعة العربية بفتح هذا الملف وحشد جميع جهودها لرأب الصدع الذي أحسه ويحسه الآخرون، ومحاولة عقد مؤتمرات وحوارات يستقطب لها خيرة المثقفين العرب وكبار التربويين من جميع الأقطار العربية، مع التأكيد على جعل مثل هذه المؤتمرات مداولة بين الجميع، مع تفعيل دور الإعلام بجميع أطيافه ورفع درجة الشفافية إلى الحد الأقصى إن فعلنا ذلك، وعلقنا الجرس، ولم نستعجل النتائج، فإنني على يقين بأنني سأكتب يوما ما بحروف من ذهب: بلاد العرب أوطاني...من الشام لبغداني