تمشي سارة الحميد في مجمع تجاري صباحا لمدة 40 دقيقة، وعلى مدى أربعة أشهر، خسرت ستة كيلو جرامات من وزنها، تقول إن "ممارسة الرياضة في هذه المراكز أكثر أماناً من الشوارع المتعارف عليها أو الحدائق لأنها تخلو من أي إزعاج. كما أنها أيضا فرصة لممارسة هواية أخرى من هوايات المرأة وهي التسوق". واتفقت معها هدى مازن وتضيف أن المجمع التجاري مكيّف، والرياض مدينة حارة ومشمسة، مما يجعل المشي في هذه المراكز أسهل بكثير مقارنة بالهواء الطلق، أو المشي على السير الكهربي في النادي أو المنزل، لأنهما يزيدان من خشونة الركبة. وتقول لولو محمد إحدى المشاركات في مسابقات المشي عبر الإنترنت إنها أصبحت متسابقة في مجموعة "سعودي رانرز"، وأصبحت الآن في المراكز المتقدمة، ونصحت الراغبات في الاشتراك بالمسابقة بشراء حذاء مخصص للمشي وجهاز صغير لعَد الخطوات التي يمشيها الشخص، وربطه بجهاز آيبود أو آيفون. وهكذا لم تعد رياضة المشي مقتصرة على جهاز السير الكهربي "التريد ميل" أو الحدائق العامة، أو الممشى المعروف في مدينة الرياض، بل باتت المراكز التجارية الكبيرة ملاذاً للسيدات السعوديات للبحث عن الرشاقة واللياقة، إذ لا تحتاج السيدة سوى حذاء مريح للمشي، وقارورة مياه، وجهاز آيبود، وتؤكد السيدات اللائي خضن هذه التجربة فقدانهن عدة كيلو جرامات في وقت قليل. ليس للحوامل فقط في المقابل، يقول الأستاذ المساعد في طب الأسرة والمجتمع الدكتور صالح بن سعد الأنصاري "هناك اهتمام كبير بالمشي بعدما كان محصورا فقط في المرضى والحوامل، والنساء عادة يجدن صعوبة في ممارسة النشاط البدني، مما يضطرهن لاستخدام جهاز السير أو المشي في الأسواق"، مشيراً إلى أن المشي الرياضة الأمثل لمكافحة الأمراض المزمنة المتعلقة بالنمط المعيشي الخامل. ويضيف أن "المشي على السير الكهربي يحقق فوائد جسدية، إلا أنه لا يحقق الفوائد النفسية والاجتماعية التي يوفرها المشي في الهواء الطلق بنفس الدرجة، كما أن فرص الانتظام في استخدامه تقل بسبب الملل، إضافة إلى آثاره المحتملة على المفاصل، خصوصا للمرضى منهم". وتابع قائلا إن "المشي بات من الأفكار التي يهتم المجتمع بها، ويحاول إضافة عنصر الاستمتاع بها، وإدخال التشويق والمتعة لاكتساب عادة المشي من أجل الصحة"، مبيناً أن المشي متاح في المضامير التي تفننت الأمانات وبلديات المدن في إنشائها، إضافة إلى المشي الجماعي في الأسواق، أو المشاركة في مجموعات المشي في تويتر و"فيس بوك"، واستخدام برامج الجوال المرتبطة بنظام GPS وغيرها". وقال الأنصاري إن لديه العديد من الكتب في المشي منها "المشي علاجا للسمنة"، وكتاب "صحتك في المشي" الذي أحصى 44 فائدة صحية للمشي، وأورد 14 سببا يجعلنا نختار المشي من بين الرياضات. مسابقة تشجيعية وعلى الصعيد ذاته، أوضح فارس التركي أحد المؤسسين لمجموعة المشي أن "كل شخص بالمجموعة يمشي وحده باستخدام حذاء يحتوي على تقنية الجي بي إس، ويحسب المسافة والسعرات الحرارية، ويعطي إحصائيات خلال السنة والشهر، ويعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك" و"تويتر"، وذلك ما شجع الكثيرين على المشاركة". وأضاف أن السباقات التي يتشارك بها مع أصدقائه تشمل سباق سرعة، وآخر للمسافة، وأن أغلب السباقات تكون بالمسافات ليتم إحصاء عدد الكيلو مترات التي مشاها الشخص خلال شهر، مشيرا إلى أن السباقات بدأت بأربعة أشخاص وبعد الزيادة قرر إنشاء حساب حول رياضة الجري والمشي، يتم خلاله إعطاء نصائح وفوائد للرياضة، ونشر مقولات تحفيزية عن الجري، والإعلان عن المسابقات. وتابع التركي "كانت هناك ثلاث مسابقات الأولى فردية بعدد 8 أشخاص، والثانية جماعية بلغ عدد المشتركين بها من السيدات والرجال 140، على أن يكون عدد كيلومترات السيدات بمقابل عدد المسافة التي يقطعها مجموعة الرجال، والسباق الأخير بلغ عدد المشاركين فيه 50 مشتركاً، ويهدف إلى استقطاب 250 مشتركاً ومشتركة"، مشيرا إلى أن الرجال المشاركين في "نايك بلس" أكثر عددا من النساء، وفي المقابل المسافات التي تقطعها السيدات أكثر. وأوضح التركي أن "لجوء السيدات للمشي في المراكز التجارية جاء بسبب البحث عن مكان آمن، والجري ليس مضراً لكبار السن كما يظن البعض، والمشي البطيء غير مفيد، في حين أن السريع يحفز القلب،" مشيرا إلى أن الذين يعتذرون بعدم مقدرتهم على المشي لن يمشوا أبدا، خصوصاً إذا أدركوا أن أبطال كينيا يجرون في الصحارى والأدغال.