في روضة سدير وهو ما بين السابعة والثامنة من عمره، قضاها - كما أي طفل آخر - بين الجري هنا وهناك، والاستمتاع بتلك الألعاب الشعبية المعبرة عن حقبة الأربعينيات الميلادية من القرن الماضي، مثل «عظيم سرى»، وهي لعبة قديمة كان يمارسها الصبيان ليلا تحت ضوء القمر، أحب الطفل عبدالعزيز لعبة «الطابة»، وهي عبارة «عن خرقة من القماش تخيطها لهم والدته، تلتم على شكل كرة صغيرة، يركلها الأطفال بعصاة نحو حفرة تسمى الطابة»، ولم يدر بخلده أنه بعد سنوات سيقف خارج الحدود برفقة فنانين يغنون، للجيش العربي السعودي. دور ابن الخالة انتقل عبدالعزيز بن عبدالرحمن الراشد، المولود في روضة سدير عام 1936، بعد ذلك إلى الرياض، برفقة أسرته التي سكنت حي الظهيرة، ثم وهو في ال10 من عمره، انتقلوا إلى حي حلة القصمان، تلاه الاستقرار بحي المرقب. كانت أولى خطواته وسماعه للموسيقى عن طريق ابن خالته، رحمه الله، محمد العبدالله الذي كان عازفا ومحبا لآلة السمسمية، أحس ابن خالته بإعجابه وتعلقه بالآلة، طلب منه أن يحضر جالونا وأسلاكا من الحديد المرن فاستغرب عبدالعزيز وقال له لماذا؟ فقال: لأصنع لك سمسمية خاصة بك. ذهبا لمحطة بنزين بشارع طارق بن زياد وطلبا من العامل جالونا فارغا وأسلاكا، وصنعا سمسميتهما الجديدة. تعلم عبدالعزيز العزف والغناء عليها بمشاركة ابن خالته، بعد أن سمح له والداه بالعزف عليها في البيت بحضور إخوانه بدلا من الخروج واللعب في الشارع. إذاعة طامي في تلك الفترة بلغ الراشد ال13 من عمره، كانت هناك أغان تبثها إذاعتا الكويت والعراق مثل أغاني الفنانة السورية سهام رفقي التي اشتهرت بأغنية يا «أم العباية حلوة عباتك»، والفنان حضيري أبو عزيز الذي اشتهر بأغنية «عمي يا بياع الورد»، ويستمع أيضا لإذاعة طامي وهي إذاعة محلية خاصة كان مقرها بشارع الفوطة بالرياض بالقرب من قصر الحمراء. حب عبدالعزيز وابن خالته للفن دفعهما لادخار مبلغ وشراء مسجل (جهاز تسجيل)، وبعد أن سجلا عدة أغان على شريط ريل ذهبا لمقر إذاعة طامي، وقابلا مؤسس الإذاعة عبدالله العويد - طامي، الذي أخذ منهما التسجيل وأخبرهما بأنه سوف يبثه ويبيعه، وهو ما فعله. البحث عن عود في أحد الأيام حضر من الكويت ابن خاله محمد منصور وهو فنان يغني في بدايات إذاعة الكويت، سأل عبدالعزيز هل يوجد عندكم عود؟ فقال له: لا يوجد هنا للأسف، فأمهله أسبوعا وإلا سوف «ينحاش» يعود للكويت ويتركهم، وفورا ذهب إلى الحراج في حلة القصمان إلى شخص اسمه إبراهيم الأسود وشرح له الموضوع وأخبره بوجود قريبه وضيفه من الكويت ويرغب بعود، فدعاهم جميعا للخروج معه إلى طريق الخرج عند دكة الملك سعود، رحمه الله، لشرب القهوة والعشاء هناك وبصحبتهم آلة العود ومعهم مسجل يعمل على البطارية كان عبدالعزيز أفضلهم صوتا وأداء، عزف ابن خاله وعبدالعزيز والمسجل يسجل، وأخذ بعد ذلك الشريط وذهب به إلى طامي، فقال له هذا ما أراده فعلا الغناء على العود وليس السمسمية. اكتشاف الموهبة وتعلم العود تحول تعلقه بالفن من هواية إلى عشق، ذهب إلى والده وطلب منه 150 ريالا سلفة، وفي نيته شراء عود ولكن لم يخبره بذلك، وذهب إلى شارع الوزير لشخص يُلقب ب»الخطاب» واسمه حمد الحبيب من أهل المجمعة، الذي باشر تعليمه العزف على العود، ولكن عبدالعزيز يعتبر عبدالله العويد مالك إذاعة طامي هو أول من اكتشفه فنيا. تأثر عبدالعزيز فنياً وأدائياً بفنان قديم يسمى عنبر والذي لم يكن له إنتاج كبير، بالإضافة لإعجابه بعبدالله السلوم، ومن ثم بالفنان سعد إبراهيم الذي سبقه في مجال الفن. قصة أغنية اتصل عليه في أحد الأيام صاحب شركة «جدي فون» سليمان البصير، وطلب منه تسجيل أسطوانتين وسيعطيه عن كل أسطوانة 200 ريال، فوافق على الفور حتى يستطيع رد الدين الذي أخذه من والده، وتم التسجيل وطبعت الأسطوانات في اليونان. كان للفنان طارق عبدالحكيم دور في مسيرة عبدالعزيز الراشد بعد أن سمع الأسطوانات التي سجلها في نجدي فون، فقيل له هذا فنان شاب اسمه عبدالعزيز الراشد فطلب لقاءه، وعندما أتى عبدالعزيز بادره بالسلام وطلب منه تجهيز نفسه لحفل كبير يقام قريبا على شرف الملك سعود، رحمه الله، حيث كان طارق في ذلك الوقت هو المسؤول عن «فرقة الحرس الملكي الموسيقية» التي انتقلت للرياض حديثاً من الطائف. ونظرا لوصول الملك سعود من رحلة خارجية، ستقيم الفرقة حفلا فنيا كبيرا، وعَرَض عليه المشاركة أمام الملك بنشيد وطني. فرح كثيرا، وطلب منه طارق تجهيز أغنية للملك سعود إضافة لأغنية عاطفية. خطر في بال عبدالعزيز الشاعر علي الدويش فأخبره بالموضوع كاملا فاستغرب وسأله هل لك بالفن والغناء؟ فأجابه، نعم، ولكني أحتاج قصيدة في الملك، فطلب منه المرور عليه في مكتبه باليوم التالي وستكون جاهزة، وبالفعل بالصباح الباكر ذهبا إلى طارق الذي أعجب بالكلمات وفورا سأله: من سيلحنها؟ فأجابه أنا استغرب طارق وقال له تفهم بأمور التلحين؟ قال نعم، ولم يكن عبدالعزيز قبل ذلك قد لحن أي أغنية، ولكن في داخله شيء ما يقول له حاول. فحاول مع كلمات: قدمت يا ساكن في قلب كل إنسان * بالرحب والبشر دامت لك لياليها أهلا وسهلا عدد ما اهتزت الأغصان * مُنى قلوب جلالتكم سكن فيها يا سعود الأول وقايد نهضة الأوطان * بالرحب والبشر دامت لك لياليها أما الأغنية العاطفية التي غناها بالحفل، فكانت «يا غايتي يا مرادي» من أغاني سعد إبراهيم وكلمات «فالح» وألحان أبو سعود الحمادي. إعجاب الملك في الحفل كان الملك سعود يجلس على كرسيه، وبعد غناء عبدالعزيز قال لمن حوله «يا حليل هالوليد»، وكان رئيس الحرس الملكي وقتها الأمير «سلطان بن سعود» فلوح الأمير للفنان عبدالعزيز الراشد بأن يقترب لأن الملك يريده، ومن الفرحة قبل الفنان الصغير رأس وأنف وخدي وكتف الملك، الذي ابتسم وطلب منه غناء أغنية «أبكي على ما جرى لي يا هلي» فقال له عبدالعزيز، إن صاحب الأغنية موجود يقصد طارق عبدالحكيم، ولكن الملك يرحمه الله قال له: أريد أن أسمعها بصوتك أنت، وفعلًا صعد إلى المسرح وصدح بها. أول ظهور إعلامي بعد افتتاح إذاعة الرياض في 1964 بمقرها في شارع الفرزدق بحي الملز، بدأ التجهيز لبرنامج مسرح الإذاعة والتلفزيون الذي شارك فيه الفنان عبدالعزيز الراشد، قبل ذلك بفترة تكونت فرقة موسيقية صغيرة يقودها أحمد سعيد، ويعزف فيها بعض الشباب السعوديين، وكُلف الشاعر مسلم البرازي للإشراف عليها، وكان مدير البرامج بالإذاعة ذلك الوقت زهير الأيوبي. عام 1965 افتُتح تلفزيون الرياض وطُلب من عبدالعزيز أغاني جديدة تُعرض في عيد رمضان، غنى عبدالعزيز أغنيتين، الأولى وطنية بعنوان «عز العروبة اليوم» كلمات محمد أبو سليم، والثانية عاطفية «همسة الوداع» كلمات علي الدويش وألحان عبدالعزيز الراشد، وكان هذا أول ظهور له تلفزيونياً. غنى أيضا 4 أغان في حفلات مسرح التلفزيون بجدة عام 1971 وهي: «حبيبي هل درى» و»أقول إن الهوى غدار» و»محلى الصراحة» و»أحبه إنما حبي». الترفيه عن الجنود أهم المشاركات الخارجية التي يفتخر بها عبدالعزيز الراشد هي مشاركته مجموعة من الفنانين ومرافقة فرقة الإذاعة السعودية في مهمة رسمية بالأردن للغناء للجيش السعودي المرابط هناك أثناء حرب 1967، وأحيوا 5 حفلات، منها 3 في محافظة الكرك، وكان بصحبته الفنانون: عودة سعيد، عبدالقادر حلواني، سعد إبراهيم، عودة العودة، والمونولوجست عبدالعزيز الهزاع، وسعد التمامي. ثم أحيوا حفلا بالعاصمة عمان في المسرح الروماني، وحفلا في محافظة معان، ومن بعده حفلا في مدينة العقبة الساحلية. وفي عيد الأضحى عام 1969 ذهب إلى شرورة لإحياء حفلتين فيه، وحفلتين في مدينة الوديعة للترفيه عن الجنود المرابطين هناك، غنوا فيها الأناشيد الوطنية والسامريات وغيرها. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الراشد الرشيد. ولد في روضة سدير عام 1936. غنى لعدد من الشعراء في مقدمتهم «فالح». غنى للأمير خالد الفيصل «يا صاحبي مني لك الروح مهداة». لحن ل»عتاب» وهيام يونس مهن عمل ميكانيكي سيارات مندوب مشتريات بوزارة الزراعة.