في ضوء كل ما يحدث الآن في العالم من ردات فعل بشأن قضية جورج فلويد، والعنصرية الأمريكية ضد السود، فإنني ألاحظ أن كثيرا منا هنا ومن بعض العرب يتحمسون للقضية، ويتفاعلون معها بهاشتاقاتهم، أو من خلال نشر الصور والرسومات وغيرها من طرق التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنك لو جئت لهؤلاء المتعاطفين وفتّشت دواخلهم، لوجدت أن العنصرية تعششّ في نفوسهم، وتظهر في سلوكياتهم ومفرداتهم داخل مجتمعاتهم، وهم لا يشعرون، ولوجدت أنهم متلوّنون بالعنصرية القبلية أو المناطقية أو المذهبية تجاه الآخر، ممن هم ليسوا من أهل البلد، وستجد أن منهم من يحفل قاموسه اللفظي بعبارات عنصرية لا يجيزها النسيج الوطني المتوحد، ومع أنه ليس عيبا أن تشارك وتتعاطف مع جورج فلويد والسود في أمريكا، بل من المهم والإنساني أن تتعاطف وتتعظ، لكن العيب والمخزي هو إذا تعاطفت مع هذه الثورة فقط لمجرد أن الإعلام أظهرها وأبرزها، في حين أنك فشلت في أن تتعاطف مع الفئات التي تعنصرت ضدّها، واستخدمت سيادة جنسيتك أو مذهبك أو لونك الذي ليس لك يد فيه ولا قوة. وقد تجد أن بعض هؤلاء الذين أشغلتهم قضية فلويد هم ممن يتخوجنون، وتتلبسهم «عقدة الأجنبي»، فيحزنون لحزنهم قبل أن يحزنوا على العنصرية التي تزدهر بسببهم في مجتمعهم، رغم تخلقهم -افتراضا- بتعليمات نبينا محمد «صلى الله عليه وسلم». إنه من المهم جدا، أن نتعاطف مع ما حدث في أمريكا، لكن مع ضرورة أن نتعلم مما حدث، وأن علينا أن نتطهر من التمييز والعنصرية والنظرة الفوقية المتجذرة والمترسخة في دواخل نفوسنا.