ليس أول النماذج ولا آخرها، ذلك النموذج الكريه لرجل الشرطة العنصري الذي ينتهك الحقوق ويستخدم سلطته سوطًا يجلد به من يسوقه حظه العاثر للوقوع بين يديه! ليس أول النماذج ضابط الشرطة في مدينة «مينيا بوليس» في ولاية مينيسوتا الأمريكية، الذي وضع ركبته على عنق جورج فلويد، حد إزهاق روحه، ولم يرف له جفن والضحية يستغيث بأنه لا يستطيع التنفس، لكن العنصري الكريه استمر في سحق عنق فلويد لساعات حتى قتله بدم بارد، فقط لأنه مختلف عنه في اللون! تاريخ العنصرية دامي وطويل في أمريكا، وهي عنصرية عرقية بشكل خاص، تنتج عنها ممارسات اقصاء وتعنيف وانتهاكات غير إنسانية ضد السود والمهاجرين العرب واليهود والشرق آسيويين، وضد كل من لا يحمل ملامح أوروبية! منذ الحقبة الاستعمارية؛ انحصرت الحقوق والامتيازات في الأمريكيين الأوروبيين وبشكل خاص، «البروستانت البيض الأغنياء»، حقوق التعليم، التصويت، المواطنة، وحيازة الأراضي.. وظهرت قوانين عنصرية تدعم سيطرة البيض في أواخر القرن التاسع عشر. بدأت مقاومة السود لهذه السياسة قبل الحرب العالمية الثانية وخصوصًا قوانين التعليم، وظهر زعماء سود، مثل، مارتن لوثر كينغ، ومالكوم إكس، مطالبين بتغيير القوانين العنصرية. لكن يبدو أن العنصرية تخللت جينات الأمريكي الأبيض، أو اليمينيين المتطرفين، أو أن عنصرية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المثير للجدل منذ حملته الانتخابية، أعادت ضخ دماء العنصرية في شرايين الجماعات المتطرفة من الأمريكيين. العنصرية، تعاني منها المجتمعات الإنسانية بنسب متفاوته، حتى تلك المجتمعات التي تدعي الديموقراطية، وترفع شعارات المساواة وحقوق الإنسان وعدم التمييز، لكن المناخ السياسي العام يساهم في انتشارها أو الحد منها. العنصرية، تصبح خطرًا عندما تملأ عقل وقلب مسؤول، أو من بيده سلطة، لأنه يستخدم قوته وسلطته لممارسة العنصرية ضد الآخر المختلف سواء في الجنس أو اللون أو العقيدة، بوضع قوانين تمييزية مثلا، أو إجراءات تعسفية! العنصرية المناطقية والقبلية والمذهبية، كانت وقود الحوادث الإرهابية في وطننا العربي، لكنها كانت نتيجة أفكار ضالة سيطرت بها جماعات متطرفة على عقول شباب غض، أو نماذج مشوشة أو جاهلة من قطاعات مختلفة، لذلك تطورت عملياتهم وازدادت عنفًا ودموية مع انتاج جماعات جديدة كما حدث مع ظهور داعش وأشباهها. القضاء على العنصرية نهائيًا ربما يشكل مستحيلا، لكن نزع السلطة ممن يحمل في تكوينه، أو تفكيره، أو في انتمائه بذور عنصرية، مناطقية، قبلية، مذهبية، عقائدية، أو على أساس الجنس أو اللون، يمثل خطوة مهمة في تخفيف آثارها الاجتماعية والسياسية والثقافية، كي لا تستخدم ضد الآخر الذي لا يمتلك سلطة تحصنه من العنف، كما حدث ل»جورج فلويد» في مدينة، «مينا بولس» الأمريكية! الرئيس الأمريكي، يواجه الفوضى في بعض المدن الأمريكية والمظاهرات التي اشتعلت احتجاجًا على قتل فلويد بتلك الطريقة البشعة، وأعمال الشغب التي اندلعت في بعض الولاياتالأمريكية، كما يواجه أزمة تفشي كورونا، وخوض الانتخابات الرئاسية، وعدد من المنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية، والتصعيد ضد الصين، بعد وصف كوفيد -19، بالفيروس الصيني!