عاد فيلم "المتسول" للكوميدي المصري عادل إمام المنتج في ثمانينات القرن الماضي 1983 إلى واجهة الألفية الجديدة، في الصيف والذي تدور أحداثه حول قصة الشاب حسين الذي يصل إلى القاهرة قادما من قريته للبحث عن عمل بعد وفاة والديه، ويضطر للإقامة عند خاله وزوجته اللذين يساعدانه بالحصول على عدة فرص للعمل يفشل في جميعها، ويلتقي بعد ذلك بمكتشف للمتسولين وتتوالى الأحداث الكوميدية بتسوله بطريقة أنيقة في الأماكن الراقية. ولم يعد مستغربا منذ بداية إجازة الصيف، أن تجد رجلا أو امراة من مختلف الفئات العمرية وهم بكامل زينتهم وأناقتهم يقتربون منك، يطلبون أجرة المواصلات أو قيمة الوجبة الغذائية أو مبلغا ماليا لشراء غرض معين، في محاولة لإيهام ضحاياهم بأنهم أبناء "عز جار الزمان عليهم" أو أنهم خرجوا من المنزل قبل أن يتفقدوا محافظ نقودهم، أو أن جهاز الصراف ابتلع البطاقة الائتمانية عن طريق الخطأ، أو أن الأموال سقطت أو سرقت منهم، مستنسخين أساليب أفلام الكوميديان المصري عادل إمام. التنويع في الاستعطاف ويقول الشاب جاد سمير خلال تجولي في أحد المراكز التجارية بشارع الأمير محمد بن عبد العزيز "التحلية"، تفاجأت بطفل لا يتجاوز الثالثة عشرة من عمره يتقدم مني ويطلب أجرة المواصلات لأن أهله ذهبوا ونسوه في المركز التجاري، ويضيف امتنعت عن إعطائه المال لحمله هاتفا محمولا أغلى من الهاتف الذي أحمله، إضافة إلى أنه يستطيع ركوب سيارة الأجرة ومحاسبة السائق عندما يصل إلى عائلته، غير أن المفاجأة الكبرى كانت عندما رأيته في اليوم التالي في مركز تجاري آخر يقترب من إحدى العائلات عند شرائهم وجبة العشاء من منطقة المطاعم وهو يطلب ثمن وجبة العشاء بحجة أنه وصل قبل أهله وهو جائع، وكنت أستمع إليه دون أن يراني وقبل أن يمد الرجل يده إلى جيبه ليعطيه المال رآني الطفل ليطلق قدميه إلى الريح. متسولة بكامل زينتها القصة التي حدثت مع جاد ليست بعيدة عما حصل مع ماجد الغامدي الذي تفاجأ بامرأة في كامل زينتها وذهبها تقترب منه لدى تجوله في أحد المولات التجارية مع زوجته وطفلته وتخبرهم بأنها نسيت محفظتها في المنزل وأنها تريد شراء هدية لابنتها وهي آخر قطعة موجودة في المحل التجاري، غير أنه امتنع عن إعطائها المال لعدم اقتناعه بحجتها. حيل كثيرة ويرى الأكاديمي السعودي أستاذ علم الاجتماع أبو بكر باقادر، أن هذه الحيل ليست جديدة ولكن حاليا هناك طرق كثيرة للتأكد من صدق الشخص، والذي يملك المال لا يصعب عليه الوصول إليه مما يجعله عرضة لسؤال الناس سواء عن طريق تعريف نفسه لدى البنك الذي يتعامل معه أو حتى إيقاف سيارة أجرة والرجوع للمنزل وإعطاء السائق حسابه، فيجب على الجميع التأكد من حقيقة الحالة التي يتعامل معها إن كان صادقا أو كاذبا. وعن أن هذه الحالة أصبحت ظاهرة، قال "يجب أن يكون هناك إحصائية يتحدث الشخص من خلالها والتعليق عليها"، مستدركاً "غير أنها طريقة قديمة رائجة تكثر في فترات الإجازات عادة"، مشيرا إلى أن التكافل والتراحم الموجودين لدى المجتمع السعودي تجعل حصر الحالات ومنع العطاء صعبا، ولكن الطريقة المثلى هي توجيه أسئلة لطالب المساعدة للتأكد إن كان صادقا أو كاذبا بطلبه المساعدة ويتسول ويستدرج عواطف الرحمة لدى أفراد المجتمع سواء كان رجلا أو امرأة طفلا أو بالغا أو مسنا. حملات يومية من جهته أكد مدير إدارة مكافحة التسول بجدة سعد الشهراني، وجود ظاهرة وخصوصا حول المراكز التجارية والأحياء الراقية، مشيرا إلى أنه تم التعامل مع ذلك بتشكيل لجنة تقوم بحملات يومية تم تفعيل عملها مع بداية فصل الصيف بقيادة شرطة جدة، ومكونة من القوة الميدانية وقوة المهمات والدوريات بالشرطة وإدارة الوافدين بالجوازات ومكتب مكافحة التسول بجدة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمجاهدين والمرور، حيث تنطلق الحملة بقيادة عقيد في الشرطة وبإشراف ضباط في الميدان وبنهاية اليوم يتم الفرز، ففي حال كان غير سعودي يتم التحقيق معه من قبل الشرطة ثم يحول إلى إدارة الوافدين للتعامل معه، وفي حال كان مواطنا تدرس حالته لمعرفة أسباب تسوله ويتم تحويله بحسب حالته إما إلى مكتب العمل في حال صلاحيته للعمل أو الجمعيات الخيرية أو مساعدته بالطريقة المناسبة مع أخذ تعهد عليه بعدم العودة إلى التسول مجددا. وعن طريقة تخفي هذه الفئة وصعوبة القبض عليهم أشار إلى أنهم يوجدون في المراكز التجارية مرتدين ملابس فخمة ويحملون أكياس ماركات تجارية ليضللوا رجال حملات الضبط، إلا أنه يتم القبض عليهم في نهاية المطاف، داعيا الجميع إلى عدم الانخداع بالمظاهر والكلام المعسول الذي يقوله أفراد هذه الفئة سواء كانوا ذكورا أو إناثا، أطفالا أو بالغين أو مسنين، مؤكدا أن نسبة الذين قبض عليهم من غير السعوديين تشكل 98 % من إجمالي الذين تم ضبطهم.