احتوت النصوص الشعرية في مختلف العصور، على إيحاءات وتشبيهات حول الرموز الأنثوية للمرأة، والتي تمثل رؤية تاريخية وصفة أخذت طابعا وبعدا جمالياً من خلال تشبيهها بالمعطيات الطبيعية، ومنها رمزية التغزل بها عن طريق اللون والحيوان. رمزية التغزل بالألوان الأبيض عُرف عبر العصور بدلالاته الإيجابية، والحسن والجمال عند المرأة. ومن الدلالات المحببة لهذا اللون إذا كان في الأسنان، الوجه، العين، واللباس. يقول (طرفة بن العبد): بادِنٌ، تَجلُو، إذا ما ابْتَسَمَتْ عَن شَتِيتٍ، كأقاحِ الرّمْلِ، غُرّ الشاعر أظهر جمال أسنان محبوبته حيث شبهها بالأقحوان في الرمل، إذ يشتد بياضا مع أشعة الشمس المنغمسة في الرمال. الأسود لون مُحبب للنفس حسب موطنه وسياقه الذي يقع فيه، فهو محبب في الشَعر والعين للمرأة ومن الأمثلة التي صاغها الشعراء في الشعر الأسود، قول النابغة الذبياني في وصف محبوبته: وَبِفاحِمٍ رَجلٍ أَثيثٍ نَبتُهُ كَالكَرمِ مالَ عَلى الدِعامِ المُسنَدِ يصف شعر المرأة بالأسود الفاحم الكثيف المسندل كأعضان الكرمة. الأحمر من أوائل الألوان التي عرفها الإنسان في الطبيعة وأكثرها تضاربا فهو لون البهجة والعنف والمرح، ومن أكثر سمات هذا اللون ارتباطه بالدم فتختلف دلالته باختلاف موطنه، فهو في الخد والشفاه يعطي انطباع الوسامة والجمال، وعلامة على الصحة والعافية. كما قال سبيع التيمي عن محبوبته: ومَجَالِسٍ بِيضُ الوُجُوهِ أَعِزَّةٌ حُمْرُ الِلّثاتِ كَلاَمُهُمْ مَعْرُوفُ الأصفر لهذا اللون دلالات عدة في الشعر الجاهلي ومنها اقترانه بالشمس فأخذ يرمز إلى الزينة والطيب والسرور، ومما استحسنه الشعراء لوصف معشوق لهم هو الأصفر الفاقع، الذي يجلب المسرة للناظرين وفيه دلالة على حُسن المرأة وجمالها. وفي ذلك قول النابغة: صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها كالغُصنِ، في غُلَوائِهِ، المتأوِّدِ فقد بدت المرأة صفراء اللون لكثرة استعمالها الطيب. الأخضر يكاد ينحصر قديماً بالخصب والحياة والنبات، وهو من الألوان المُحببة. ولما كان الأخضر يرمز إلى الخير والخصب فقد شبه الشعراء الإبل التي تقل ضعن النساء بالنخيل الشديدة الخضرة، للتفاؤل بمصير هذه القافلة، كقول امرؤ القيس: أَوَمَا ترى أظعانَّهن بواكراً كالنّخلِ من شَوْكانَ حينَ صِرَامِ رمزية التغزل بالحيوان الظبية ارتبطت صورة الظبية في الشعر الجاهلي برمزيتين الأولى: جمالية ملامح الحسن الأنثوي المثالي، كالنعومة والجمال والبياض. الثانية: توظيف البعد الأمومي المفعم بالحنان، ولذلك أخذت الظبية أو الغزالة في الشعر الجاهلي طابعا دلاليا وجماليا يرمز إلى الأم والحبيبة. مثال: ويَوْماً تُوافِينا بَوجْهٍ مُقَسَّمٍ كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ (امرؤ القيس) وظباءً كأنهن أباريق لجينٍ تحنو على الأطفالِ (عبيد بن الأبرص) الناقة لم تكن الناقة مجرد حيوان في العصر الجاهلي، فقد احتلت مكانة سامية عند العرب بلغت حد التقديس وعرف العرب فيها معاني الخصوبة والورود والسقيا، وشبهوها بالمرأة، لأن الشاعر يجد فيها ملاذا آمنا تعمل على انتشاله من همومه وأحزانه. مثال: بَنَتْ عليه معَ الظَّلاَمِ خِبَاءَها كالأَحْمَسِيَّةٍ في النَّصِيفِ الحَاسِرِ (ثعلبة المازني). النعجة احتلت النعجة مساحة كبيرة من الشعر الجاهلي، وأضفت على النص الجاهلي بعدا دينياً وأموميا فأصبح توظيف الشعراء لها منصبا على البعد الإخصابي والأمومي. مثال: فَبَينا نِعاجٌ يَرتَعينَ خَميلَةً كَمَشيِ العَذارى في المِلاءِ المُهَدَّبِ (امرؤ القيس) الحمام أفرز حضور الحمامة في الشعر الجاهلي معاني سامية مرّدها الحب والصبوة وكان له علاقة وطيدة بموضوع العشق، ويصور الصعيد العاطفي المتمثل بالحب وتجربة العشق وما يخلفه من ترح وفقد نتيجة للظروف السائدة. مثال: كأن سراعها مُتوتراتٍ حمام باكرّ قبل الحمامِ (لبيد بن ربيعة). وقول عنترة بن شداد: سأندب حتى يعلم الطير أنني حزين ويرثي لي الحمام المفردِ القطا من الطيور وله نوعان: الكدري والجونية وتوصف القطاة بالهداية، والعرب تضرب بها المثل في ذلك لأنها تبيض في القفر وتسقي أولادها من البعد في الليل والنهار، وتصف القطا بحسن المشي لتقارب خطاها ومشيها. لذا نجد ذو الرمة يشبهها على حياء محبوبته قائلا: قصار الخطى يمشِين هونا كأنّهُ دبِيبُ القطا بَل هن في الوعث أوجلُ