كشفت أطروحة جامعية عن دقة وعي الشاعر الجاهلي بالألوان وإدراكه العميق لدلالاتها، خلافاً لما يروجه بعض الدارسين الذين يميلون إلى نفي السمة الحضارية عن حياة ذلك العصر. وأثبتت الأطروحة التي حملت عنوان "تجليات اللون في شعر شعراء المعلقات"، ونال عليها الباحث محمد الهدروسي درجة الدكتوراه من جامعة اليرموك الأردنية، أن الشاعر الجاهلي استخدم الألوان في رسم صوره الشعرية، إذ أدرك أن اللون الأبيض هو أصل الألوان جميعاً، وأنه مقياس جمال المرأة وطهرها وعفتها... كما أنه صفة تتميز بها نظرته الى الظبية والثور الوحشي والناقة والفرس والسيف. أما اللون الأسود فكان نقيض ذلك. فهو بحسب الباحث "يمثل غياب الألوان كلها"... وأدرك أن سائر الأصباغ اللونية هي ظل لهذه التداخلات بين الأبيض والأسود. ولفتت الأطروحة إلى اعتماد شعراء المعلقات بنية التضاد بين اللونين الأبيض والأسود، من أجل توضيح ما يعتمل في نفوسهم من آلام وهواجس وقلق.. وكان هذان اللونان أحياناً رافعة للتعبير عن نظرة الشاعر الى الحياة وموقفه من الوجود. وترى الدراسة أن الألوان كانت حاضرة لدى الشاعر الجاهلي عندما كان يهم في وصف حبيبته والتغزل بمفاتنها وجهها وفمها وأسنانها وشفتيها وعينيها وشعرها وترائبها وكفيها وأصابعها وذراعيها، وكذلك زينتها وحليها ومجوهراتها وكحلها ووشمها ومسكنها وملبسها وشرابها.