أقرت تركيا بأن الطائرة التي أسقطتها المدفعية السورية أول من أمس ربما تكون قد انتهكت المجال الجوي السوري بشكل غير متعمد، محاولة بذلك تهدئة الوضع بعد هذا الحادث الخطير الذي يؤجج التوتر بين البلدين ويمكن أن يخلف عواقب دولية. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن الرئيس التركي عبد الله جول قوله أمس "عندما تفكرون في سرعة الطائرات لدى تحليقها فوق البحر، فمن الطبيعي أن تمر وتكرر المرور فوق الحدود فترة قصيرة من الوقت". وأضاف "هذه أمور غير متعمدة تحصل بسبب سرعة الطائرات". وفي حين أجمعت الصحافة التركية أمس على توجيه الاتهامات للنظام السوري بسبب هذا الحادث مطالبة بجعله "يدفع الثمن"، اعتمد نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج موقفا معتدلا، وقال "علينا الحفاظ على الهدوء، وألا نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى تصريحات ومواقف استفزازية". وأوضح أن الطائرة ال اف-4 التركية "كانت تقوم بمهمة استطلاع وتدريب" ولم تكن مجهزة بسلاح، معربا عن أمله في أن تتضح ملابسات هذا الحادث في أسرع وقت. وتتعاون القوات السورية والتركية في محاولة العثور على قائدي الطائرة المفقودين. واستمرت أعمال البحث في البحر المتوسط قبالة سواحل محافظة هاتاي، كما أفادت وزارة الخارجية التركية. وعقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اجتماعا مع وزير الخارجية أحمد داود أوغلو الذي أجرى سلسلة لقاءات أيضا غداة اجتماع أزمة في أنقرة. وجاء في بيان لمكتب أردوغان الإعلامي مساء أول من أمس "بعد تقييم المعطيات، اتضح لنا أن سورية أسقطت طائرتنا". وأضاف البيان "ستعلن تركيا موقفها النهائي وستكون حازمة في اتخاذ التدابير الواجبة بعد الكشف عن كل ملابسات الحادث". ويرى المحلل حسن كوني الأستاذ في جامعة كولتور في اسطنبول أنه بإسقاط طائرة تركية، ربما أرادت سورية أن تستعرض قوتها بما لديها من أسلحة روسية "حتى تثبت أنها ليست ليبيا" التي استهدفتها غارات الحلف الأطلسي في صيف 2011. وقال في حديث لشبكة "ان تي في" الخاصة "إنها طريقة للقول: احذروا إذا فكرتم في مهاجمتنا". وعلى الصعيد الميداني في سورية قتل نحو 75 شخصا بأعمال بينهم عشرة من القوات النظامية قتلوا لمحاولتهم الانشقاق في ريف دمشق. كما استمرت الاشتباكات وأعمال القصف في أنحاء مختلفة وخصوصا في دير الزور وحمص وريف دمشق ودرعا. وفي حي المزة في دمشق، أظهر شريط فيديو من الهيئة العامة للثورة السورية ما تقول الهيئة إنهم "شبيحة النظام"، بعضهم بلباس مدني وهم يقومون بركل المصلين بعد خروجهم من جامع في حي المزة الدمشقي وضربهم في الشارع بالعصي والأيدي واعتقالهم. ولفت مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى أن "هؤلاء الشبيحة معروفون لدى المرصد بالأسماء وهم من سكان الساحل العلويين الذين يسكنون حي المزة". وفي محافظة ريف دمشق، أعلن المرصد نقلا عن ناشط من بلدة معضمية الشام أن "السلطات السورية نقلت فجرا من المنطقة الواقعة قرب جسر الشعبة جثامين ما لا يقل عن عشرة من القوات النظامية، قتلوا من قبل الجيش أثناء محاولتهم الانشقاق". وفي غضون ذلك أعلن الرئيس السوري بشار الأسد تشكيل أول حكومة بعد انتخابات لمجلس الشعب بموجب الدستور الجديد، والتي وصف رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط إعلانها بأنه "تضليل يشبه إعلان إلغاء حال الطوارئ" في سورية، لأن الرئيس السوري بشار الأسد "لا يمكن أن يكون جزءا من الإصلاح"، واصفا الوزيرين اللذين ضمتهما الحكومة من معارضة الداخل بأنهما يمثلان "معارضة مدجنة".