«الحياة»، ا ف ب، رويترز - في خطوة كانت متوقعة بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، اصدر الرئيس السوري بشار الاسد مرسوماً امس بتشكيل حكومة جديدة برئاسة رياض حجاب الذي كان يشغل حقيبة وزارة الزراعة في الحكومة السابقة، ولم تتضمن التشكيلة الجديدة اية مفاجآت على عكس التوقعات التي راجت في الايام الماضية. اذ احتفظ الوزراء الاساسيون في الدفاع والخارجية والداخلية بحقائبهم، وادخل اليها وزيران من «معارضة الداخل» هما رئيس «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» قدري جميل الذي تم تعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزيرا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وعلي حيدر رئيس «الحزب السوري القومي الاجتماعي» الذي عين زير دولة لشؤون المصالحة الوطنية، وهذه الحقيبة استحدثت لاول مرة في هذه الحكومة. في هذا الوقت استمرت المخاوف حيال طبيعة الرد التركي على حادث اسقاط المقاتلة من طراز «اف 4» في المياه الاقليمية السورية، فيما استمر البحث من قبل البحريتين السورية والتركية عن طاقمها، بينما اعرب ناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن الأمل بان تتحلى تركيا وسورية بضبط النفس بشأن حادث إسقاط الطائرة. وعلق رئيس «المجلس الوطني السوري» عبد الباسط سيدا على اعلان الحكومة الجديدة فاعتبره «تضليلا يشبه اعلان الغاء حال الطوارئ» في سورية لان الاسد «لا يمكن ان يكون جزءا من الاصلاح». ووصف الوزيرين «المعارضين» بانهما يمثلان «معارضة مدجنة». وقال ان اعلان الحكومة هو «ليعطي (الاسد) انطباعا أنه قام بتطبيق كل رزمة الاصلاح ولم يبق الا اعلان الحكومة لتستوي الامور». في غضون ذلك، استمرت البحريتان السورية والتركية في اعمال بحث مشتركة عن الطيارين في البحر قبالة اقليم هاتاي (الاسكندرون). وجاءت اشارات من البلدين الى عدم رغبتهما في تصعيد حادث اسقاط الطائرة الى مواجهة عسكرية بينهما يمكن ان تهدد بمواجهة اقليمية واسعة. فقد اقرت تركيا امس بان الطائرة التركية ربما تكون قد انتهكت المجال الجوي السوري بشكل غير متعمد. ونقلت وكالة انباء الاناضول عن الرئيس التركي عبد الله غل: «عندما تفكرون في سرعة الطائرات لدى تحليقها فوق البحر، فمن الطبيعي ان تمر وتكرر المرور فوق الحدود فترة قصيرة من الوقت». واضاف: «هذه امور غير متعمدة تحصل بسبب سرعة الطائرات». كما اتخذ نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج موقفا معتدلا. وقال: «علينا الحفاظ على الهدوء، والا نسمح لانفسنا بالانجرار الى تصريحات ومواقف استفزازية». واوضح ان طائرة «اف-4» التركية «كانت تقوم بمهمة استطلاع وتدريب» ولم تكن مجهزة بسلاح، معربا عن امله في ان تتضح ملابسات هذا الحادث في اسرع وقت. وقال بيان للجيش السوري ان الطائرة اخترقت المجال الجوي السوري فوق المياه الاقليمية ووصفها ب «هدف جوي مجهول الهوية منخفض جدا وبسرعة عالية». وذكر ان «الهدف الجوي تبين انه طائرة عسكرية تركية اخترقت مجالنا الجوي وتم التعامل معها وفق القوانين المرعية في مثل هذه الحالات». واضاف انه تم التواصل بين قيادتي القوات البحرية في البلدين حيث تقوم سفن البحرية السورية بالاشتراك مع الجانب التركي في عملية البحث عن الطيارين الاثنين المفقودين. وعقد رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان اجتماعاً مع كبار القادة الامنيين، هو الثاني منذ اسقاط الطائرة اول امس. وقال، بعد الاجتماع، ان تركيا ستتخذ الخطوات اللازمة وتعرض موقفها الكامل من الحادث بعد ان تتكشف لديها كل المعلومات. واعتبر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان اسقاط الطائرة التركية يشير الى مزيد من التصعيد. وحذر من ان هذا الحادث، الى جانب قصف المناطق السكنية وارتفاع عدد ضحايا التظاهرات السلمية وانشقاق الطيار السوري وفراره الى الاردن، تمثل «مؤشرات على ان تأثير الصراع سيكون اكبر من سورية نفسها، واضاف: «ليس هناك من دولة محصنة ضد هذا التمدد بسبب تركيبة المجتمعات والامتدادات والعلاقات والابعاد الاتنية والمذهبية. واذا تحول هذا الصراع الى صراع مذهبي بالكامل او الى حرب اهلية، فالعراق سيتأثر ولبنان سيتأثر والاردن لن يكون محصنا ضد ذلك». ميدانياً، أفيد بمقتل اكثر من 80 شخصا على الاقل امس، معظمهم من المدنيين وبينهم عشرة من عناصر الجيش قتلوا اثناء محاولتهم الانشقاق في بلدة معضمية الشام بريف دمشق، فيما استمرت الاشتباكات العنيفة واعمال القصف في دير الزور وحمص وريف دمشق ودرعا. وقال نشطاء معارضون إن الجيش اشتبك مع مقاتلين من المعارضة وقصف احياء في مدينة دير الزور امس، ما أسفر عن سقوط 28 قتيلا على الأقل. وتعرضت احياء حمص مجدداً للقصف الذي طاول القصير ودير بعلبة وحي جورة الشياح والرستن وتلبيسة. وفي محافظة درعا، اقتحمت القوات السورية بلدة سحم الجولان وبدأت بحملة مداهمات، كما اقتحمت مدعمة بالدبابات وناقلات الجند المدرعة بلدة محجة وسط اطلاق رصاص كثيف. وشملت المواجهات مدينة دوما بريف دمشق وبلدتي كرناز وبريدج في محافظة حماة. وبثت «الهيئة العامة للثورة السورية» شريط فيديو من حي المزة في دمشق يظهر ما تقول الهيئة انهم «شبيحة»، بعضهم بلباس مدني يقومون بركل المصلين بعد خروجهم من جامع في الحي وضربهم في الشارع بالعصي والايدي واعتقالهم. وقالت الهيئة ان «الشبيحة» هم «من سكان الساحل العلويين الذين يسكنون حي المزة».